للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى طال زمانه، وحازه عليه بعد أن قضي له به، قال: فلا نرى القضية هاهنا إلا بمنزلة الذكر حق المكتوب للرجل على الرجل يتقاضاه منه إذا أحب. قلت: فلا ينتفع بحوزه عليهم كما ينتفع الحائز على الرجل منزله الذي اشتراه أو ورثه؟ قال: لا يكون بمنزلته؛ لأن القضاء قد نطق بأن لا حجة له فيه ولا حق، فكان كمن أعار رجلا حقا، وكتب عليه بعاريته كتابا، فتقادم ذلك، فلا ينتفع هذا بحيازته؛ لأنه عرف أصل حيازته له، وإنما ينتفع بالحيازة من لا يعرف أصل مدخله فيه، فيدعيه ملكا، فيكون له، وأما ما عرف أصل دخوله فيه أنه على غير حق، فهو على مثله أبدا حتى يأتي بأمر يتحققه؛ من شراء، أو صدقة، أو هبة، وشبه ذلك، إلا أن يطول زمان ذلك جدا بالخمسين سنة ونحوها، والزمان/ الذي لا تبقى الحدود معه، أو يكون المقضي عليه قد أحدث فيه أو في بعضه بنيانا، أو غراسا، أو بيعا، أو صدقة، أو إصداقا، والمقضي له قائم لا يغير ولا يدعي شيئا، ثم قام بعد ذلك، فلا حق له فيما أحدث فيه مثل هذا، ويرى حقه ثابتا فيما سوى ذلك. قال: فإن مات المقضي عليه، فأورث ذلك لورثته، ثم قام المقضي له: قال مطرف: فلا يسأل ورثته عن شيء؛ لأنهم ليسوا الذي عليه، ألا أن يكون المقضي له غائبا حتى مات المقضي عليه. وقال ابن الماجشون: هم والميت في ذلك سواء، والمقضي له أولا حاضرا كان أو غائبا، إلا أن يطول زمانه بأيدي الورثة، والمقضي له حاضر، فلما قام عليهم، ادعوه ملكا لهم بوجه حق غير الوراثة، ويحتجون بحيازتهم إياه بمحضره، ولا يقرون أنه صار إليهم بميراث من المقضي عليه، فيكونوا أحق به بالحيازة؛ لأنهم غير الذي قضي عليه، إلا أن يقروا أنه إنما صار إليهم عن المقضي عليه، أو تقوم عليهم بذلك بينة، فيكون على أصل القضية أبدا، ما لم يحدثوا في ذلك أو اقتساما بمحضر المقضي له، أو بيعا، أو صدقة، أو إصداقا، ثم قام بعد ذلك، فلا حق له فيما أحدث فيه هذا الأشياء، ويرى حقه ثابتا فيما سوى ذلك من الشيء المقضي به. وقال أصبغ مثل قولهما فيه كله. ومثل [٨/ ١٠٣]

<<  <  ج: ص:  >  >>