قال ابن القاسم: قال مالك في الأمتعة/ التي تسرق بمكة، فاعترفها رجل ووصفها، فإن الإمام يستأني بها، فإن جاء طالبها، وإلا دفعها إليه.
قال ابن القاسم في المدونة: إنه يزكي الشاهد عند القاضي وهو غائب.
قال سحنون، في الرجل يعدل أو يجرح، وهو غائب: لا يكون هذا إلا في الرجل المشهور، وأما غير المشهور، فلا أدري كيف ذلك. قال أبو محمد: يعني سحنون –والله أعلم- في الغائب عن مجلس القاضي، وهو بالبلد، أو بموضع، قريب من البلد، فأما إذا كان بعيد الغيبة، فلا بأس أن يزكي وهو غائب، كما يقضي عليه وهو غائب، كما قال سحنون في أول الباب: أنه لا يعلم خلافا أنه يسمع البينة على الغائب، ويقضي عليه إذا شهد ووصف. وقال ابن سحنون: غيبته، وإن لم يكن مشهورا لم يقبل التزكية إلا بمحضره، ويكتب في أسفل شهادته، فهذا يدل على أن معنى قول سحنون، إذا كان غائبا عن مجلسه في البلد، وأما البعيد الغيبة، فهو كما يحكم عليه، وذلك ضرورة تؤدي إلى قبول ذلك في غيبته البعيدة في الحكم عليه، والتزكية له كما قال أصحابنا، لا يسمع البينة إلا بمحضر المشهود عليه الرجل المشهور، وإنما يعنون: لا تسمع البينة على الغائب، يعنون: الغائب عن مجلس القاضي، وهو في البيت، وأما الغائب الذي في إحضاره ضرر، فلم يختلفوا أنه يسمع عليه البينة/، ويقضي عليه فكما يسمع عليه في هذه الغيبة، كذلك تزكي في هذه الغيبة.
قال سحنون في المجموعة: وكذلك الرجل يكتب فيه الحكم إلى حاكم آخر: أنه قد استحق قبله حق، أو استحق العبد وهو غائب، فيكتب بصفته ونعته، فأجازه ابن القاسم، وأباه غيره –يعني ابن كنانة- وإذا جاء كتاب قاض إلى قاض، بأن لفلان على فلان كذا، لم يجز ذلك، وإن نسبه إلى أبيه وقبيله، إلا المشهور المعروف أشهر من القبيلة، فيقبل ذلك إذا نسبه إلى تلك الشهرة. [٨/ ١١٥]