وقال: هذا كتابي. قيل: أفيجيز ذلك الآخر؟ قال: نعم، وذكر مثله ابن حبيب، عن أشهب، عن مالك. قيل: فإن دفعه إلى جماعة، فكان في يد أحدهم؟ قال: يشهد الذي هو بيده، وأما الآخرون؛ فإن عرفوا وأثبتوا أنه طابعه وكتابه، فليشهدوا. وقال في كتاب ابن سحنون: وإن ختموا عليه، ودفعوه إليه، وعرفوا خواتمهم، فليشهدوا. قال ابن حبيب: قال أصبغ: وإن لم يعرفوا الكتاب، فلا يشهدوا، وإن كان الذي بيده/ الكتاب منهم مأمونا عدلا حتى يعرفوا الكتاب، ولو كانوا حين أشهدهم كتبوا فيه شهادتهم وعلامتهم، كان أحسن.
ومن المجموعة: وإذا كتب قاض إلى قاض، فإن ثبت عنده أن الذي كتب إليه مستحق للقضاء في فهمه ومعرفته بأحكام من مضى وآثارهم، مع فضله في دينه وورعه وانتباهه وفطنته، غير مخدوع في عقله، فليقبله.
وقال ابن سحنون: قال سحنون: قال أشهب: وإذا كتب إليه غير العدل أن بينة فلان تثبت عندي، فلا يقبل كتابه؛ لأنه ممن لا تجوز شهادته، ولو كتب إليه العدل أن ابني ثبتت له عندي بينة بكذا، فلا أرى أن يجيز ذلك؛ لأنه كالشاهد له. قال: فإن أجازه، فلا يفسخه من ولي بعده، وليمضه. وقد تقدم قول سحنون أنه يكاتب غير العدل بإنقاذ أمر، ولا يقبل إلا كتاب العدل. وقال أشهب: وإنما يقبل كتاب العدل ممن لو شهد عنده لقضي به، فأما غير المأمون في حاله، ولا متناهي في شأنه، وهو مغموص عليه في جميع أموره، فهذا لا يجوز شيء من أموره، إلا ما كان من أمر لا شك في صحته، فيجوز.
قال ابن حبيب، عن أصبغ: وإن جاءه كتاب قاض لا يعرفه بعدالة ولا سخطة، فإن كان من قضاة الأمصار الجامعة، مثل المدينة، ومكة، والعراق، والشام، ومصر، والقيروان، والأندلس، فلينفذه، وإن لم يعرف، ويحمل مثل هؤلاء على الصحة، وأما قضاة الكور الصغار، فلا ينفذه حتى يسأل عنه العدول وعن حاله. [٨/ ١٢٣]