قال محمد بن عبد الحكم: قال عبد الله: ومن قول مالك وأصحابه: من أقام بينة على حاضر بدين، فلا يحلف مع بينته على إثبات الحق، ولا على أنه ما قبضه منه حق يدعي المطلوب/ أنه دفعه إليه، أو دفعه عنه دافع، فيحلفه حتى إذا كان الحكم بعبد أو حيوان استحق، فلابد أن يحلف المحكوم له أنه ما باع ولا وهب؛ لإمكان أن يدعي من باع من هذا المحكوم عليه أن هذا الطالب باع منه أو وهبه، أو يدعي ذلك غيره من جرى له عليه ملك، أو استحقه ورثة ميت، أنه كان للميت، وأقاموا بينة أن ذلك الشيء له لا يعلمونه باع ولا وهب، ولا خرج من ملكه بوجه من الوجوه، ولو كان الحكم بالدين على غائب أو ميت، لم يقض للطالب حتى يحلف أنه ما قبضه منه، ولا من أحد يشبهه؛ لإمكان أن يدعي الغائب أو الميت ذلك، ولو كان الدين لميت قام به ورثته، فلابد أن يحلف أكابرهم: أنهم ما يعلمون أن وليهم قبضه من المقضي عليه، ولا من أحد بسببه، ولو كان المطلوب حيا، لم يحلفوا حتى يدعي ذلك المطلوب على الميت أو عليهم.
قال محمد بن عبد الحكم، في وكيل الغائب يطلب بدين فثبت له، فقال المطلوب: من حقي أن يحلف لي المحكوم له: أنه ما قبضه، فإنه ينظر. فإن كانت غيبته قريبة، انتظر حتى يقدم، وكتب إليه، وإن كان بعيد الغيبة، فإن المطلوب يدفع الحق الساعة إلى الوكيل، ويقال للمقضي عليه: إذا اجتمعت مع الطالب فحلفه على ذلك. ويكتب له القاضي بذلك كتابا يكون بيده، فإن مات المقضي له، حلف أكابر ورثته على مثل ذلك، ولا يحلف الأصاغر وإن كبروا بعد موته.
قال عبد الله: وكذلك ينبغي لو حكم لوكيل غائب بحيوان، وهو بعيد الغيبة.
وعن مالك: ولو أقام عليه البينة بحق له، فطلب المشهود عليه يمينه مع الشاهد به، فليس له ذلك، إلا أن يدعي أنه قضاه بينه وبينه، فليحلف، فإن نكل، حلف المطلوب وبرئ. وقاله ابن نافع.
قيل لابن كنانة: ولو أقام عليه شاهدين بالحق، فكلف الطالب تعديلهما، فقال له المطلوب: احلف: أن حقك حق، ولا أكلفك تعديلهما، وأعطيك [٨/ ١٦٥]