إذا حلفه عالما بها، وتاركا لها، ولو قال: قد علمت بينتي، وهي غائبة، وأنا أحلفه، فإذا جاءت، قمت بها، قال ابن القاسم: إن كانت بعيدة، فذلك له، وإن كانت قريبة على مثل يومين وثلاثة، فلا يحلفه إلا على اسقاطها.
قال سحنون: قال سفيان: قال ابن أبي ليلى: إذا أحلفه، فلا شيء له.
ومن كتاب ابن سحنون: قال سحنون: لا يحلف الرجل حتى يثبت عليه لطخ، فإن أثبته وقال: أحلفه لي. ثم آتي ببينتي. قال له القاضي: إما حلفته على إسقاط بينتك، وإلا فأت بالبينة.
ومن العتبية: روى أشهب، عن مالك، وهو في كتاب ابن سحنون، من رواية ابن نافع، في من قضى دينا عليه ببينته، وأشهد الله على القضاء، ثم طولب به، فقال: قد دفعته إليك بشهادة فلان وفلان؛ بما حلف، احلف وخذه فحلف له، وأراد أن يقيم عليه البينة أنه قضاه، قال: ذلك له ويرجع منه.
وقال في كتاب ابن سحنون: قال ابن نافع، عن مالك: إذا أحلفه، وبينته حاضرة، وهو عالم بها، فله القيام بها بعد ذلك، وقال أشهب، في غير كتاب ابن سحنون، وروى عنه ابن عبد الحكم مثله، في كتاب ابن المواز.
ومن كتاب ابن حبيب: قال مطرف، وابن الماجشون: إذا حلف خصمه، ثم أقام بينة، فإن لم يكن علم بها، قضي له بها، كانت يوم أحلفه حاضرة أو غائبة، بعد أن يحلف: أنه ما علم بها، فإن كان عالما بها، وهي في البلد، أو قريبة منه قربا لا يخاف فيه فوت/ حقه، أو أخره إلى قدومها، فلا حق له في البينة، ولا رجوع له على صاحبه، وإن حلف، أن ذلك لم يكن منه، رضى بيمينه، وتركا للآخر لبينته، وإن بعدت بينته، لم يضره علمه بها دون السلطان، وليقم بها، ولا يمين عليه: أن ذلك لم يكن رضى باليمين على ترك البينة؛ لأن السلطان لو علم بها لأحلفه له، وكان له القيام ببينته إذا قدمت، وكذلك روى ابن القاسم، وابن وهب، عن مالك. [٨/ ١٧٠]