وزكوا بعد أن يعذر إليه، فإن حضر خروج خصمه إلى سفر، أو كانوا مرضى، أو خشي فواتهم، أشهد على شهادتهم.
وسأله حبيب عن رجل تخرج له قناة من داره إلى قاعة زعم أنها كانت حنار ثم يخرج منها إلى دار رجل، ثم يخرج إلى الزقاق. فأنكر رب الدار هذا المجرى، وزعم خصمه أنه قطع المجرى، وبقي الماء في القاعة، والقاعة لورثة جماعة غيب لا يعرف أكثرهم، هل يخاصم في ذلك رب/؟ قال: لا تجب له خصومة حتى يحضر أهل هذه القاعة أو أحد منهم، ولا يحكم عليه بمجرى الماء، إلا أن يكونوا في غيبة بعيدة منقطعة، أو يكونوا لا يعرفون، فيمكن هذا من الخصوم، ويحكم إن صحت بينته.
وسأله حبيب عن من ادعى في قاعة بين دور أنها له، وجاء على ذلك ببينة فعرض أهل دور حولها، فزعموا أنها له ولغيره من ورثة؛ منهم من يعرف، ومنهم مجهولون، وإن قالوا: إن موضع كذا إلى كذا لفلان ولفلان ولفلان. فدخلت هذه القاعة في هذه الحدود، ولقوم مجهولين لا نعرفهم، بينهم ذلك مشاع. قال: لا يوجب هذا للقائم له ولا للجماعة فيها حقا، ولم يقطعوا له فيها بشيء معلوم، فالحق حق الأول، ويحكم له، ولا يكون هذا خصما للأول، ولا يمكن من تجريح بينته؛ لأنه لم يجب له في ذلك حق.
من كتاب ابن سحنون: وكتب شجرة في قوم ادعوا أرضا في مرسى بتونس، وأقاموا عندي بينة بملكهم إياها، هل يدعو من كان بذلك المرسى بمنافعهم، ثم ينفذ الحكم؟ فكتب إليه: أن للحاكم أن يسأل أهل المرسى المرابطين الذابين عنه عن منافعهم؟ فإن جاءوا بشيء، وإلا وصل الأرض إلى مستحقها. [٨/ ٢٠٧]