أن يذكرا حجة مما يرى له وجه، كما لو خاصما بأنفسهما، فلما أراد أن يوجه الحكم عليهما، أتيا بحجة بقيت لهما، فإن أتيا بما له وجه، قبل منهما فنظر فيه.
وسئل سحنون عن من طلب رجلا بدين، فأعطاه حميلا، وقال: أرضى بما يحكم به له وعليه، فيستحق الطالب الدين، والمطلوب غائب، فقال: إن كان الحميل حميلا بما يطلب به الطالب، فإن كان للغائب مال بيع عليه، وإن لم يكن له مال، أو عجز ماله عما عليه، أتبع الحميل بذلك، إلا أن تكون غيبته مثل البريد/ ونحوه، وإن كان إنما هو وكيل على الخصومة فيم فلا يؤخذ منه شيء.
قال أشهب: وإذا وكل الرجل على الخصومة، ثم مات الوكيل، فقد انقضت وكالته، وليس ورثته فيها بمنزلته، وإن مات الذي وكله، انقضت وكالة الوكيل، وصارت الخصومة بين الطالب وبين ورثة المطلوب.
ومن كتاب ابن سحنون وفيما كتب شجرة إلى سحنون: أنك رأيت ألا نقبل من المطلوب وكيلا، أرأيت إن حضره سفر، أن كان امرأة، أو كان عاملا للوالي، خرج إلى عمله، أو كان له عذر؟ فكتب إليه: إنما أحدثت ذلك لهؤلاء الجبابرة ليلا يمكنوا من التغيب على الناس، وتحدث للناس (أقضية) بقدر ما أحدثوا من الفجور، وأن للمرأة والمريض وذي القدر أن يوكل.
وقد ذكرنا من هذا في الجزء الأول كثيرا، وما لسحنون في ذلك من اختلاف القول.
وسأله حبيب عمن وكل رجلا على الخصومة فيما له قبل فلان، فترك القيام حتى مضت سنون، فقام يثبت الخصومة، ويقيم البينة، هل يمكن من الطلب بالوكالة القديمة؟ فقال: يبعث الحكم إلى من وكله، هل هو على وكالته أو خلعه عنها؟ قال: فإن كان الرجل غائبا فالوكيل على وكالته القديمة، وله الطلب. [٨/ ٢٣٧]