قال ابن حبيب عن ابن الماجشون فيمن أشهد على رجل في كتاب ذكر حق ثم ذكر أنه ضاع، وسأل الشهود أن يشهدوا له بما حفظوا، فلا يشهدوا وان كانوا بكل ما فيه حافظين، خوفا أن يكون قد اقتضاه ومحي الكتاب، فإن جهلوا وشهدوا فليقض بها الإمام، وقال مطرف: بل يشهدون [بما حفظوا] وقاله مالك، وهو قول أصبغ، وبه أقول إن كان الطالب مأمونا، وإن لم يكن مأمونا فقول [ابن القاسم] وابن الماجشون أحب إلي، وروى أشهب عن مالك في القاضي يشهد رجلين في كتاب مطبوع بيده: أن هذا كتابي إلى قاضي بلد كذا، ولا يقرؤه، فقد كان بأيديهم الكتاب، قال: أرى أن يشهدوا به، ويجوز ذلك من كتب إليه، ولو كان الكتاب أحد الشاهدين، فإن كانا قد اجتمعا عليه وعرفا الآن خواتمها فليشهدوا عليه.
وقال فيمن كتب وصيته منذ أيام، ثم أدخل عليه قوما فأشهدهم أن هذه وصيتي، هل يقولون: تقرؤها فإنها كانت عند أهلك؟ قال: ليس ذلك عليهم، ولهم أن يشهدوا بذلك، فإن كانت بيد بعضهم فليشهد من هي عندهم، وأما الآخرون فلا أدري، قال: ومن أتاه بكتاب طبعه فقال: اكتب شهادتك في أسفله على أنها وصيتي، ولا يعلم الشاهد بما فيها، فكتب الشاهد على إقراره، قال: إن لم يشك في خاتمه فليشهد، وإن شك فلا يشهد، قال أشهب: إذا قال: اشهدوا علي بما فيها جاز ذلك، كانت مختومة أو منشورة، قرأها أو لم يقرأها، ولو قرأها ولم يشهدهم عليها لم تجز لهم الشهادة بذلك، وإن كان بين يديه كتاب مكتوب فقيل له: هذه وصيتك؟ [وشهد بها عليك إنها وصيتك، فحرك رأسه بنعم] فأشار برأسه: أن نعم، فهي نافذة وشهادة جايزة إن كان يعرف أن تحريك رأسه بذلك كالقائل: نعم. [٨/ ٢٥٠]