ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه في الشاهدين شهدا في صداق بكر بسبب، فأقام الزوج بينة أن لم يبق عليه منه إلا خمسون، فجاء الأب بشاهدين أن تلك البينة قالا: لا نشهد بينهما بشيء، فإن قالا: قلنا ذلك لعلهما بصطلحان، فليقبلا، قال ابن القاسم: ومن شهد بثلاثين ديناراً ثم ذكر أنها كانت خمسين؛ فإنه تقبل شهادته في ذلك كله، وقاله في المجموعة والعتبية. ومن الواضحة: قال ابن حبيب عن مطرف، وإذا قال: هي خمسون وكنت نسيت، وقت ادعى ذلك رب الحق أو لم يدعه، فإن كان بين العدالة قبلت شهادته، وإن كان على غير ذلك لم تجز شهادته، وقاله أصبغ، وقال ابن القاسم: إذا عاد فزاد أو نقص في شهادته، فإن ذلك يقبل من المنقطع في العدالة ممن لا يتهم في عقله، فإذا كان فيما زاد أو نقص ما ينقض الشهادة الأولى، وذلك بعد الحكم، فلا يقبل ولا يفسخ الحكم، وإذا زاد مالا ينقض الأولى قبل من المبرز، وكذلك روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم في العتبية من أولها.
قال سحنون: وأنا أقول إن استقال الشاهد قبل القضاء أو بعده وادعى الغلط فإنه يقبل قوله، ويقبل فيما يستقبل إذا كان عدلا رضى.
قال ابن حبيب عن مالك فيمن سأل رجلا عن شهادته فأنكرها، أو سئل/ عنها المريض فلم يذكرها، ثم شهد بعد ذلك وذكر عذرا، قال ابن حبيب: وهذا إن سئل عنها عند الحاكم، أو سئل المريض عنها فيما ينقل عنه، وأما في غير هذين الموضعين فلا يضره إنكار شهادته كقوله للخصم: ما أشهد عليك بشيء، ثم يأتي ويشهد، فلتقبل منه ولا يضره القول الأول، وإن كان عليه بينة.
قال ابن المواز: قال أشهب وقاله ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ فيمن شهد عند الحاكم فيوافيه المشهود عليه فقال: بلغني أنك شهدت علي بكذا، فقال: ما شهدت عليك به فأنا مبطل فيه، فليس هذا برجوع، وإن [٨/ ٣٥٠]