شيء، وإن حلف المدعى عليه: أنه ما شجه أصلا، فلا سبيل إلى العود، وأرى عليه حينئذ دية موضحة، لأن المشجوج لم يمكنه القصاص بيمين ولا غيرها [فإن أقر المشجوج أنه قد شجه واحدة من هاتين، وكان ليلا ولم يدريا ايما هي، رأيت أن تؤخذ منه دية الموضحة؛ لأنه لم يمكنه القصاص بيمين ولا غيره فتركه]، ولو شهد رجلان أن فلانا ضرب فلانا ضربة فقطع أصبعا من يده اليمين، وشهد آخران على آخر أنه ضربه أخرى فقطع أصبعا أخرى منها، وقال الأربعة، لا ندري أي أصبع انقطع كل واحد منهما، وله إصبعان مقطوعان، ففيها قولان احدهما: أنه لا تقبل شهادتهما كمن شهد عليه عدلان أنه أعتق عبده، وقالا: لا ندري أي عبد هو وقد نسياه، فشهادتهما باطلة، وذلك عندي مخالف لهذا؛ لأن هذين نسيا ما قال لهما، فلم تنفع شهادتهما، وشاهدا الموضحة لم ينسيا شيئا، وبالقول الثاني أقول: أنه يقال للجارحين: أقرا بما شئتما، فإن قالا: هذه لهذا، وصدقهما، قيل له: اقتص إن احببت، فإن ادعى المقطوعة أصبعه على كل واحد أصبعا بعينه، وأنكر ذلك القاطعان، ونسب كل واحد إلى غير ما نسبها إليه القاطعان، حلف القاطعان على ما قالا، ولم يكن له أن يقتص من كل واحد منهما إلا أن يرجع إلى تصديقهما، فيجب له القصاص أو العفو أو الصلح إن أحب، وإن لم يصدقهما فأرى عليهما دية الأصبعين.
قال ابن المواز: وإن شهد رجلان على رجل أنه سرق أو قذف وهو ممن يذهب عقله الأحيان، ويجيئه عقله الأحيان، وقالا: لا ندري أذلك في ذهاب عقله أو في صحته؟ قال: لا يؤخذ بذلك، وقد روى / أشهب أنه يحلف: ما فعله وهو يعقل، قال: ولو أقر بذلك من غير بينة قبل قوله. [٨/ ٣٧٠]