ومن العتبية قيل لسحنون: أيشهد في النكاح على السماع؟ قال: جل أصحابنا يقولون في النكاح إذا انتشر خبره في الجيران: أن فلانا تزوج فلانة، وسمع الزفاف، فله أن يشهد أن فلانة إمرأة فلان، وكذلك في الموت يسمع المناحة ويشهد الجنازة، أولا يشهد، إلا أن القول كثر بذلك من الناس: أننا شهدنا جنازة فلان، فله أن يشهد أن فلانا مات، وإن لم يحضر الموت، وكذلك النسب يسمع الناس يقولون: إن فلانا ابن فلان، ويكثر به القول فليشهد على نسبه، وكذلك القاضي يولى القضاء ولا يحضر ولايته إلا بما يسمع من الناس، وبما رآه يقضي بين الناس، فليشهد بأنه كان قاضيا.
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا تزوج رجل امرأة نكاحا ظاهرا وأعرس بها، ودخل بها علانية، وأقام معها أياما فإنه يسمع الجيران، ومن استفاض ذلك عنده منهم: أن يشهدوا أنها امرأته، وإن لم يشهدوا النكاح، وقد يجوز أن يشهد قول على امرأة أنها زوجة فلان إذا كان يحوزها بالنكاح، ولو كان تزويجه إياها قبل أن يولدوا ظاهرا، كما يشهدون: أن هذا ولدها وإن لم يحضروا / الولادة.
قال ابن القاسم في المجموعة والعتبية من رواية أبي زيد: ويجوز في شهادة السماع أن يقولوا: لم نزل نسمع أن فلانا مولي فلان فيرثه ولا يجر ولاءه، ولا يثبت به نسب إلا أن يكون منتشرا، مثل أن يقول أشهد أن نافعا مولى ابن عمر، وهو ابن عمر بن الخطاب، فمثل هذا يجر به الولاء والنسب، قيل: أفنشهد أنك ابن القاسم ولا نعرف أباك، ولا أنك ابنه إلا بالسماع؟ قال: نعم، ويقطع بها النسب.
قال سحنون في كتاب ابنه: لا يجوز على النسب إلا شهادة على شهادة، أو من جهة تواتر الخبر: أن هذا فلان بن فلان. مثل سالم بن عبد الله، وابن المسيبن والقاسم بن محمد، وما تواتر عندنا نحن: أن هذا إبراهيم بن الأغلب مثل [٨/ ٣٧٩]