وقال بعض أصحابنا: وهذا إن كانت هي عالمة بالزوج منهما، فإن لم تكن عالمة لم يرجع عليهما الشاهدان بمنزلة غاصب لمال ووهبه لمن لم يعلم أنه غصب فأكله، فإن ربه إنما يأخذه من الغاصب، ثم لا يرجع به الغاصب على الموهوب، وقيل في هذا: ربه مخير إن شاء رجع به على الغاصب، وإن شاء على الموهوب الذي أكله، وهوأن المشهود على نكاحه وطلاقه وهو يجحد دخل بالمرأة، ثم قضي بها للزوج الذي زوجه الأب قبله، فلها على الآخر الصداق بالمسيس إن كانت غير عالمة بما دخلت فيه، وعلى الشاهدين للزوج المقضي بطلاقه مازادت التسمية على صداق مثلها بما أوطآه من العشرة، ولو كانت هي بذلك عالمة لكانت بذلك زانية، يريد: ولا صداق لها، وقد قيل: لا شيء لها عليهما، لأنه مسها وقد علم / بالتسمية وهو قادر على ترك ذلك النكاح، ويرجع بنصف الصداق عليهما [إلا أن يعطاها الزوج قبله، فيرجع بذلك عليها] في ملائهما كما تقدم ذكرنا.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه، ومن كتاب ابن المواز: وإذا شهد شاهدان على رجل أنه تزوج هذه المرأة على مائة دينار وهو يجحد، وشهد آخران أنه بنى، وآخران أنه طلقها، فلا شيء على شاهدي الطلاق، لأنه الصداق قد لزمه قبل شهادتهما، وعلى شاهدي العقد خمسون ديناراً، وعلى شاهدي الدخول خمسون، لأنه لولا شهادتهما لم يلزمه إلا خمسون، قال ابن المواز: وشاهدا الدخول قد شاركهما في شهادتهما شاهدا العقد، وقد اختلف أصحاب مالك في ذلك، فقال أشهب: على شاهدي العقد النصف، وعلى شاهدي الدخول النصفن فالصداق بينهم أرباعا، وقاله ابن الماجشون في كتابه.
قال ابن المواز: وروي لنا عن ابن القاسم قولان: أحدهما: أن على شاهدي العقد ربع المهر، وعلى شاهدي الدخول ثلاثة أرباعه، وأظن هذا غلطا، لأن شاهدي البناء لم يشهدا على عقد، ولا على وطء، ولا على غصب، ولولا شهادة العقد ما لزمه بإثبات الخلوة شيء إلا خلوة اغتصاب أو خلوة نكاح، [٨/ ٤٩٠]