الآخر، ويغرمان للآخر قيمته كاملا، فلو كان هذا الآخر منكرا لما شهدا له به من إقرار رب العبد، ومن العتق، لم يكن عليهما له إذا رجعا إلا نصف قيمته التي خرجت من يده، وللآخر نصف قيمته فقط.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه: ولو شهدا أنه أعتق عبده هذا عام أول في المحرم، فقضى بذلك القاضي، ثم رجعا وأقرا بالزور، فلزمهما غرم قيمته، ثم شهدا أنه أعتقه عام أول في صفر، فلا/ يلتفت الحاكم إلى ذلك، ولا ينفع ذلك الراجعين، لأنه عتق بشهادتهما قبل هذا، فإن أقر السيد بالعتق، رد ما أخذ من الشاهدين، وقد قيل: إن القاضي يقبل الشاهدين بالعتق في صفر، والسيد جاحد، ويلزمه رد القيمة على الراجعين أولا، وهذا أعم وأكثر من القول الأول، وذكر محمد بن عبد الحكم هذا القول الثاني، وفي سؤاله أن الأولين شهدا أنه أعتقه عام أول في رمضان، فحكم بذلك فقضي عليهما بالقيمة، أو لم يحكم حتى شهدا آخران أنه أعتقه عام أول في ذي الحجة، قال: لا يلزم الراجعين أولا غرم، لأن العبد قد عتق بغيرهما، وليبرنهما القاضى من الغرم، فإن كان السيد يختدم العبد فيما بين رمضان وذي الحجة، فللعبد طلبه بقيمة ذلك بشهادة الراجعين في قول أشهب، فإن قضى له بذلك الحاكم عليه رجع به السيد على الراجعين، لأن شهادتهما أوجبت ذلك، يريد: ولم يغرما قيمته.
ثم إن رجع الشاهدان الآخران عن شهادتهما، قيل لهما،: إنما برئ الأول بشهادتكما، فأغرما ما كان يلزمهما من قيمة العبد، ولو شهد آخران بعد ذلك أن السيد أعتقه في المحرم من تلك السنة، سقط عن الشهود كل ما لزمهم بالرجوع وكل ما أخذ منهم، لأن العتق وجب له بغير الراجعين في تاريخ قبل تاريخهم، ويرد السيد على الشاهدين ما أغرمهما من قيمة خدمة العبد من رمضان / إلى ذي الحجة، ثم يكون للعبد في قول أشهب طلب السيد بخدمته من المحرم إلى أن قضى عليه القاضي بالعتق، لأن مذهب أشهب أن من شهد عليه بعتق عبده وهو ينكر من وقت ذكراه، ثم اختدمه بعد ذلك، أن عليه أن يغرمه قيمة الخدمة من ذلك اليوم إلى يوم قضى بعتقه، ويراه كمن اغتصب حرا [٨/ ٥٠٠]