في القتل، ويقطعون في القطع إذا تعمدوا الزور، روي ذلك عن على بن أبي طالب. قال سحنون: وبهدا قال بعض أصحابنا، قال محمد بن عبد الحكم: هو قول أشهب، وبه أقول.
قال سحنون: وأكثر أصحابنا على أن يضمنوهم الدية، وهو قول ابن القاسم وغيره.
ومن كتاب ابن المواز: وإن شهد رجلان على حر أنه قتل حرا فقتل به، ثم رجعا وقالا: تعمدنا الزور ليقتل، فإنهما يقتلان ويضمنان الدية في أموالهم، والحكم نافذ، لأنهما لم يجنيا بأيديهما، وإنما قتله السلطان بما غراه، ولم أجعل ديته على عاقلة السلطان، لأن عدالتهما يوم رجعا قد سقطت، فلو قبلت قولهما في الرجوع على العاقلة لنقضت بقولهما الحكم الأول، ولو شهدا أنه قتله عمداً، فحكم الإمام بقتله، ودفعه إلى أولياء القتيل، فذهبوا به ليقتلوه، فرجعا وأقرا بالزور قبل أن يقتل، فقد اضطر فيه القول، فقال ابن القاسم مرة: لينفذ القتل عليه بالحكم الأول ولا يرد برجوعهما؛ لأنهما الآن ممن لا تقبل شهادتهما فلا يقبل منهما ردهما بشهادتهما/ الأولى التي حكم بها، وإنما يؤخذان بقولهما الثاني في انفسهما فيما أقرا به مما أتلفاه وضمناه، ثم رجع ابن القاسم فقال: هذا هو القياس، ولكن أقف عن قتله لحرمة القتل، وكلك القطع وشبهه، وأرى فيه العقل أحب إلي.
وقال أشهب في رواية أصبغ مثل قول ابن القاسم الأول، وروى عنه غيره أنه لم ير قتله، أخبرني به إبراهيم البرقي عن أشهب في أربعة شهدوا بالزنا على محصن فحكم برجمه ثم رجعوا قبل يرجم، قال: لا يرجم ويمضي عليه أدنى الحدين مائة جلدة، وكذلك لو شهد شاهدان على رجل بالسرقة فحكم بقطعة، وأمر به، فرجعا قبل يقطع، قال: لا يقطع، وكذلك في قطع يد رجل فحكم بالقصاص، ثم رجعا فليدرأ عنه القطع، وأما الحكم بالأموال فلينفذ وإن لم يقبض. [٨/ ٥١٩]