السفر استحدث نية، فليقصر ما بين المنهلين، على نية سفره المتصل، وإذا أقام أتمَّ. ورُوِيَ عن سَحْنُون في مَنْ خرج ينوي يمشي ثلاثين ميلاً أو عشرين، ثم يُقيم أربعة أَيَّام، ثم يمشي مثل ذلك، ثم يقيم أربعة أَيَّام، أنه يقصر من حين يخرج من مسيره، لا في مُقامه حيث يُقيم. وذكر ابن الْمَوَّاز خلاف هذا، أنه يُراعي مسافته إلى موضع نوى فيه المُقام، ثم مسافة غاية سفره, وهو مُسْتَوْعَبٌ في باب بعد هذا.
ومن المجموعة، ابن القاسم، عن مالك في مَنْ خرج إلى ضيعتين له، بينه وبين أولاهما ثلاثين ميلاً، وبين الأولى والثانية ثلاثون ميلاً، ونوى إقامة عشرة أَيَّام، لا يدري كم يُقيم في كل ضيعة، قال: هذا يَقصر حَتَّى يُجْمِعَ على مُقام أربعة أَيَّام فأكثر في موضع. يريد: فإن نوى المقام في الأولى لم يَقصر إليها. واختُلِفَ في إقصاره إلى الثانية، وإن نوى المقام في أقصاها، فليقصرْ من يوم يخرج.
ومن الْعُتْبِيَّة من سماع ابن القاسم، قال مالك: ومن خرج ليبيع سلعته، وأمامه أسواق في قُرى، بين كل سوقين خَمْسَةَ عَشَرَ ميلاً، وكذلك بينه وبين أَوَّلها، ففي أي سوق وجد البيع باع. فهذا لا يقصر حَتَّى يخرج مُجْمِعًا على بلوغ غاية الإقصار. وذكر نحوه في كتاب ابن الْمَوَّاز، إلاَّ أنه قال: يخرج ينوي السوق الأقصى، على أنه إن وَجَدَ البيعَ دونه باع. وكذلك من خرج يطلبُ آبقًا على مسيرة الأيام، على أنه إن وَجَدَه دون ذلك رجع.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: ومَنْ أقام أربعة أَيَّام بمكان في سفر فَأْتَمَّ، ثم رَجَعَتْ نيَّتُه على الإقامة، إنه يُجْزِئه ما صَلَّى، ويَأْتَنِفُ الإقصار برجوع نيَّتِه إلى المُضِيِّ في سفره.