وقال غيرنا: إذا قال بريء من مالي عنده فهو بريء مما أصله أمانة ولا يبرأ ما أصله ضمان من قرض أو غصب أو كفالة أو وديعة خالف فيها. قالوا: وقوله بريء مما له عليه هو على الضمان. وإن قال مما عنده فهو على الأمانة. قال محمد: ذلك سواء وقد أجمعنا أنه إذا قال هو بريء مما لي قبله أن ذلك يجمع الضمان والأمانة ويبرأ من ذلك كله، فإن ادعى الطالب بعد ذلك دعوى لم تقبل وإن أتى ببينة بدين فلا تقبل حتى يقولوا إنه بعد تاريخ البراءة، وهذا يقضي على اختلافنا في إذا أبرأه مما عنده لأن الوديعة وشبهها لا تفترق فيما عليه وقبله.
وقال سحنون في بعض أقاويله: إذا قال فلان بريء من كل حق لي عليه أو قال ما لي عليه أو قال مما لي عنده أو قال لا حق لي قبله فذلك كله سواء وهو بريء من كل شيء من أمانة أو ضمان.
قال محمد: وأنا أستحسن في قوله هو بريء مما لي عليه أنه لا يبرأ من الأمانة، وإذا أقر أن فلاناً قد بريء من حقه قبله ولم يقل من جميع حقه ثم قال إنما بريء من بعض حقي وبقي البعض فلا يصدق والبراءة جائزة/ في إجماعنا في جميع حقه.
وكذلك في قوله هو بريء من الذي لي قبله أو من دين عليه أو من الذي لي عليه أو من حقي عليه بريء من ذلك كله.
وكذلك لو كانت قبله كفالة بنفس أو مال فهو بريء منها، لأن ذلك من الحق، وكذلك إن كان قبله قصاص أو أرش جناية فهو بريء من ذلك كله.
وكذلك امرأة لو شهدت بذلك كان زوجها بريئاً من المهر، وإن أقر أنه لا حق له قبل فلان ثم ادعى قبله قذفا أو سرقة فيها قطع وأقام ببينة فلا يقبل ذلك إلا أن تقول البينة أنه فعله بعد البراءة.
وإن أقر أنه بريء من قذفه إياه فليس له به قيام وهو كالعفو، ولو أبرأ من السرقة بريء من الضمان ولم يبرأ من القطع إن قام به غيره.
ولو قال: لست من فلان في شيء لم تكن هذه براءة وتقبل منه البينة بما أقر به قبل هذا القول.