ثانية فلا يدخل في ذلك كل من له دين قبل التفليس الثاني، كان ممن حاصص في الأولى أو لم يحاص، ولو ذهب كل ما بيده مما أبقى بيده بعض الغرماء وما عامله به آخرون، ثم أفاد فائدة لدخل فيها كل أحد من أول وآخر بجميع ما بقى لهم، وكذلك فيما يدخل عليه من ميراث أو عقل دية أو جرح، وإن كانت وضيعة في ذلك لأحد ما بقى من داينه آخر مع الذين أبقوا بيده ما أبقوا هم، يحاص في الفائدة هؤلاء وغيرهم بكل ما بقى لهم.
ومن العتبية قال سحنون فيمن مات وعليه دين لجماعة، فأتى بعضهم السلطان فأثبت دينه، فأمر/ببيع مال الميت وقسمته بينهم، ثم قام باقي غرمائه فلهم الدخول فيما أخذ الأولون، ولا يضرهم علمهم بموته وأن ماله يباع لغرمائه، وأما لو كان مفلسا لم يكن لتاركي القيام الدخول على من قام فيما أخذ، لأن المفلس قد بقيت ذمته والميت لم تبق له ذمة، وقد قال لي ابن القاسم عن مالك: لا يجوز أن يشترى دين على ميت لأنه لا ذمة له يطلب فيها، والمفلس له ذمة تتبع.
وروى أصبغ عن ابن القاسم فيمن فلسه غرماؤه ثم داين أحدهم، ثم فلس ثانية، فلم يكن في ماله وفاء بما داينه به آخر، ثم إنه داينه ثالثة بشيء آخر فربح فيه ربحا كثيرا، هل يكون أحق بذلك في دينه الأول والآخر؟ قال: لا، ولكن له أن يأخذ ماله الذي فلس داينه به آخر مرة، ثم هو في الفضل مع الغرماء اسوة يحاص بما بقى له من دينه الأول والأوسط، كمن فلس ثم داين آخرين، ثم فلس فللآخرين رؤوس أموالهم، ثم هم في الفضل أسوة غرمائه فيما بقى لهم، وكذلك في كتاب ابن المواز عن ابن القاسم، وروى عنه أبو زيد في الكتابين فيمن فلس وضرب على يديه فيقي ولا مال له ثم أعطاه رجلا علم بفلسه قراضا فداين الناس، ثم فلس، ثم طلب رب المال ماله فلا يكون أحق به لأن الناس داينوه.