وروى يحيى بن يحيى عن القاسم في العتبية: أن الحميل إذا تحمل بعرض فصالح فيه أو بعرض، يرجع إلى القيمة أن المطلوب مخير بين أن يؤدي ما ودى عنه من العين أو من قيمة العرض، ويعطيه ما كان عليه، ومن كتاب محمد: وإن كان ما عليه عرض أو حيوان لم يجز صلح الوكيل عنه على شيء من الأشياء إلا بجنس ما عليه إما أقل أو أكثر، لأنه إن وقع أكثر أو أجود فقد علم أنه إنما له مثل ما تحمل به، وإن دفع أقل فليس له غيره، ولا يجوز أن يدفع عنه نوع ما عليه ولا عينا، لأنه يصير مخيرا عليه، فإن نزل ذلك فسخته فيما بين الحميل والطالب، لأنه عقد للمطلوب، ولو كان للحميل شراء لنفسه جاز من ذلك له ما يجوز لغيره، ثم لا حجة عليه للغريم، ولا يجوز أن يستقيله عن الغريم من طعام عليه أو عرض أو غيره، فإن شاء تولى ذلك لنفسه، ولا يدفع عن الغريم بيضاء عن سمراء، ولا سمراء عن بيضاء، ولا يدفع عنه إلا مثل ما عليه، محمد: من طعام أو عين إن حل، ولا يجوز لأجنبي أن يدفع عن الغريم مثل ما عليه من طعام أو عين، وإن حل، ويحيله به، لأنه بيع، إلا أن يكون الطالب سأل في ذلك الأجنبي، أو يكون المطلوب سأله أن يقض ذلك عنه فيجوز حل الأجل أو لم يحل، فهو بخلاف الحميل، لأن الحميل يدفع عن نفسه/شرا لزمه، فيجوز وإن لم يحل الأجل.
قال ابن القاسم: والمأمور فيما يقضي عن الغريم بخلاف الحميل فيمن أمرته يقضي دراهم فقضى دنانير، فذلك جائز، وليس كل أن تعطيه إلا مثل ما أمرته، لأن ذلك عمل بين المأمور والقابض لم يكن لك منعه منه، كما لو أعطاه عبدا أو عرضا لأنه له أن يبايعه ويصارفه، وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم في العتبية، قال محمد: وإلى هذا رجع ابن القاسم، وأما في أقل من دينار إن أمرته أن يدفع عنك نصف دينار، فدفع عنك ورقا فيها ترجع، لأن ذلك الأمر إنما يقع على الورق، وقد روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك أنه يخير بين أن يدفع إليه الدراهم أو نصف دينار كما أمره، ثم رجع مالك في رواية ابن القاسم إلى ما ذكرنا،