فلا يجوز ذلك إلا على ما بينت لك، قلت: إنهم لم يغصبوهم قراهم: إنما نفوهم منها سخطة عليهم ويقيت خالية إلا أهم ممنوعون عنها ومدفوعون عنها، قال: هذا هو الغصب نفسه، ولا يجوز بيعهم إلا على ما ذكرت لك، أحق بما باعوا أن يسترجعوه ويقاضوا في الأثمان التي أخذوا بما أصيب من غلاتهم أرضهم ودورهم، وعليهم قيمة بني في القراض من البنان منقوضا، قال:: ولو كان إنما باعوا من غير الذي نفاهم ثم خلص المشتري من يد الذي نفاهم، قال: يكون سبيل هذا الشراء سبيل البيع الفاسد إذا كان ممنوعا من صاحبه في وقت بيعه فهو بيع مفسوخ متى ما عثر عليه، وغلته للمشتري، ولا كراء عليه فيما سكن وازدرع، قلت: فما بني في القراض؟ قال: إن كان البائع كان قادرا على حقه حين زال من يد الذي نفاه عنه إلى يد المشتري بإزاله قيمته يومئذ إذا فات بالبنيان، وإن كان البائع كان أبدا ممنوعا من حقه. وبعد أن زايل يد الذي نفاه عنه إلى يد المشتري حتى لو قام/فيه يومئذ منه فأراه كالمستحق له، وقد بنى بشبهة لأنه يوم فات بالبناء كان ممنوعا معه ففارق هاهنا البيع الفاسد، وليحكم في المستحق من قيمة البناء قائما بعد أن يرد إليه رأس ماله، وهذا إن كان المشتري ليس من أهل الذي نفاهم ولا من أعوانه، فإن كان منهم فشراؤه كشراء الظالم نفسه منهم.
وقال ابن الماجشون: مثل ذلك كله، وكذلك قال ابن عبد الحكم وأصبغ قلت لمطرف: فلو أمنوا بعد تشريدهم فرجعوا إلى بلدهم وأمنوا على دمائهم وأموالهم غير أنهم منعوا من البناء في عراصهم التي تهدمت ومنع الناس جميعا البنيان إلا من كان منهم يحاص فباعوا عراصهم تلك؟ قال: أرى بيعهم جائزا لأنهم باعوا ما قد رد عليهم، ولو شاءوا تركوها في ملكهم إلى أن يؤذن لهم في بنائها إلا أن يكون المشتري هو السلطان الذي منعهم البنيان أو أحد من أعوانه، فيكون كالغاصب، وقال مثله ابن الماجشون وانب عبد الحكم وأصبغ.