قال مالك فيمن تعدى بوطء أمة رجل قيمتها مائة دينار فحملت، قال في موضع آخر: أو لم تحمل ثم قال صاحبها وقيمتها خمسون دينارا فعليه قيمتها يوم الوطء وهي في ضمانه من يومئذ، وكذلك في الغصب قيمته ذلك يوم الغصب لا ينظر إلى ما بعد ذلك زاد أو نقص. قال مالك: ومغتصب الطعام والإدام يلقاه ربه ببلده آخر فليس له عليه المثل هنالك ولا القيمة، ولكن عليه المثل ببلد غصبه فيه، ولو كانت تلزمه القيمة أخذه ربها حيث لقيه قيمة ذلك بموضع الغصب في يوم الغصب أو التعدي، وقاله ابن القاسم وأشهب: إلا أن تعرض عليه القيمة بموضع غرر إن أخذها خيف أن تؤخذ منه أو يغصبها. فله أن لا يأخذها منه إلا أن يشاء ويرضى بالتغرير فعلى الغاصب حينئذ دفعها إليه.
ومنه ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم: ومن استهلك لرجل عسلا أو/سمنا في بلد فلم يجد له بذلك البلد عسل ولا سمنا، قال: لا بد أن يأتيه بمثله وله أن لا يأخذ قيمته إلا أن يصطلحا على أمر يجوز، وقال أشهب: رب الطعام مخير إن شاء صبر عليك وألزمك أن تأتيه بالمثل من أي بلد كان، وإن شاء ألزمك القيمة الآن. قال ابن عبدوس: واختلفا في هذا كما اختلفا في الذي يسلم في الفاكهة فيفرغ إبانها وقد بقي منها، فالصبر حتى يؤتى بالطعام من بلد آخر كالصبر حتى يأتي إمكان الثمرة إلى عام قبل، فقال ابن القاسم: يلزم الطالب التأخير حتى يؤتى بالطعام وحتى يأتي قابل في الفاكهة. وقال أشهب: يرد إليه رأس ماله في السلم ولا يجوز أن يؤخره، وقال في الطعام: يأخذ قيمة الطعام إن شاء، ثم قال: وإن شاء أخره حتى يأتي المثل، فهذا فسخ دين في دين على أصله فلا يجوز أن يؤخره بالطعام إذا كان له أخذ القيمة، وإنما ينظر: فإن كان الموضع الذي يوجد فيه مثل الطعام على يوم ويومين والثلاثة ولأمر القريب فليس له إلا مثل طعامه يأتي به، وإن كان بعيدا على الطالب في تأخيره ضرر، أو كان استهلكه في لج بحر أو فيافي بعيدة من العمران فهذا يعزم قيمته حيث استهلكه يأخذه بها