أشهب والصدقة عن ربه. ولو قال: سد هذا الحوض وصب فيه هذه الرواية فصب الرواية ولم يسد الحوض فهذا يضمن لأنه أمره أن يصب بعد السد فصب قبله، وكذلك إن قال: إن كان صحيحا فصب لي فيه وليس بصحيح فصب فيه وقال: نسيت أنظره أو تعمدت لأنه إنما أمره بالصب في صحيح، وكذلك إن قال له: صب في هذه الجرة إن كانت رخاما فصب فيها وهي فخار فانكسرت فإنه يضمن: وكذلك إن قال: إن كانت نحاسا ولا يضمن الجرة.
قال أبو محمد: وقد قال ابن كنانة في الصيرفي يريه الرجل دينارا ليأخده من غريم له فيقول له: إنه جيد فيأخذه رديا: أنه ضامن لأنه غره، ولم ير ابن القاسم تضمينه وإن غره ويؤدب عنده إن غره، كذلك ينبغي فيما تقدم ذكره مما يغره فيه بلسانه ويكذب له فيتلف بذلك عليه ماله: أن يدخل في هذا الاختلاف في تضمينه، وقد اختلف قول مالك في تضمين/الصيرفي إذا غر بجهله فقال: يضمن وقال: لا يضمن ولا اجر له، وهذا في العتبية.
وقال مالك في سماع ابن القاسم: إذا استؤجر صيرقي ينتقد للورثة دنانير فوجد فيها ذهبا قباح قال: لا يضمن إلا أن يكون غر من نفسه أو يعرف أن ليس من أهل البصر فيضمن قال سحنون: وهذه أصح من التي تحتها حين قال: أن غرم فلا شيء عليه ويؤدب.
قال ابن دينار المدني فيمن استأجر رجلا في انتقاد مال فوجد فيه رديا، فإن كان بصيرا وأخطأ فيما يختلف في مثله لم يضمن، فإن كان شيئا لا يختلف في مثله لبيان فساده رأيته ضامنا لأنه قصر فيما كان يدركه لو اجتهد، قال أبو محمد: وأعرف مسالة نزلت أخبر لصوصا بمطمر فلان أو اخبر به غاصبا قاهرا وقد بحث عن مطمر فلان فدل عليه رجل فأخذه اللصوص أو الغاصب، ولولا دلالة الدال ما عرفوه فضمنه بعض متأخري أصحابنا ولم يضمنه بعضهم وهذا من هذا المعنى والله أعلم.