لم يكن السلطان قضى على هذا الغائب بالنفقة، فأما إن قضى عليه بهذا فلا يصدق في قوله: بعثتها أو تركتها/لههم، وإن لم تقم بينة وقد قضى عليه فالجواب كما قلنا في إقراره: أنه لم يبعث ولا ترك لهم شيئا.
قال ابن القاسم وأشهب وابن نافع وابن الماجشون: وإن قال المستودع: أمرني ربها بدفعها إلى فلان وقد فعلت وأنكر ذلك ربها فالدافع ضامن إلا أن يأتي ببينة: أنه بذلك. قال أشهب في كتبه: سواء أودعه ببينة أو بغير بينة.
ومن كتاب الإقرار لابن سحنون: ومن بيده دابة وديعة فدفعها إلى غير صاحبها فضاعت وقال: أمرني بذلك صاحبها وصاحبها منكر، فهو ضامن لأنه مدع ويحلف رب الدابة، فإن نكل حلف المستودع وبرئ.
ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك: ومن بعث مع رجل بمال إلى ربه فقبضه منه وقال: تصدق علي به ربه وصدقه الرسول، والباعث منكر للصدقة يقول: بل هو إيداع، فالرسول شاهد يحلف معه زيد ويكون له، وقاله عبد الله بن عبد الحكم وابن المواز. قال ابن المواز: هذا أحب ما سمعت فيها إلي، لأن الرسول لم يتعد في الدفع لإقرار ربها أنه أمره بذلك، فشهادته جائزة، وذلك إن كان للرسول بينة على دفعه، وقال أشهب في كتبه: لا تجوز شهادة الرسول لأنه يدفع عن نفسه الضمان، يريد أشهب: أن المتصدق عليه عديم وقد أتلف المال ولا بينة للرسول على الدفع، وأما وهو مليء فشهادة الرسول جائزة على الصدقة مع يمين زيد، وكذلك إن قامت للرسول بينة: فالدفع في عدم زيد. وفي كتاب الوكالات باب في/شهادة الرسول فيما أمر بدفعه فيه من معنى هذا الباب مستوعب.