تضمين المستعير، والمستعير يدعي سقوط الكراء عنه، فأرى أن يحلفا جميعا، ويلزم المستعير كراء اليوم الثاني ولا يلزمه الضمان إذا حلف.
وقال أشهب في كتبه فيمن استعار دابة فركبها إلى برقة، وقال المعير: إنما أعرته إلى فلسطين، فالقول قول المستعير في إسقاط الضمان مع يمينه، وينظر إلى مسافة الموضعين فإن كانت مختلفة كان للمعير فضل ما بين كراء برقة على كراء فلسطين مع يمينه، قال: ومن بعث وسولا إلى رجل يعيره دابة إلى برقة فأعاره فركبها المستعير إلى برقة فعطبت فقال المعير: إنما أعرته إلى فلسطين، وقال المستعير: بل إلى برقة، فشهادة الرسول ها هنا لا تجوز للمستعير ولا عليه، لأنه إنما يشهد على فعل نفسه، ويحلف المستعير له/: أنه ما استعارها إلا إلى برقة ويسقط عنه الضمان، ويحلف رب الدابة: ما أعاره إلا إلى فلسطين ويكون له على المستعير فضل ما بين كراء برقة على كراء فلسطين. ولو قال المستعير للرسول: اذهب إلى فلان فاستعر لي دابة أركبها إلى برقة، فقال له الرسول: يسألك فلان أن تعيره دابتك إلى فلسطين فأعاره فركبها المستعير إلى برقة لا يدري فعطبت، فإن قامت للمعير بينة أن الرسول قال له: إلى فلسطين فلا ضمان على المستعير لأنه يقول: إلى برقة استعرتها، وعليه فضل كرائها على ما فسرنا، ولا يمين على رب الدابة لأن البينة قد قامت له بذلك، وأما الرسول فإن قال: ما أمرني المستعير إلا إلى فلسطين حلف ولم يضمن هو وال المستعير. وإن قال الرسول: إنما أمرني إلى برقة فقلت لرب الدابة غير ذلك، ضمن الرسول الدابة إن كانت مسافة برقة أشد من مسافة فلسطين في البعد أو في التعب. ولو كانت مسافة برقة مثل مسافة فلسطين في البعد والخزونة فهلكت تحته لم يضمن.
وقال أشهب: من ركب دابة رجل إلى بلد وادعى أنه أعاره إياها، وقال ربها: بل أكريتها منه فالقول قول ربها كان ممن يكري أولا يكري ويحلف الراكب: ما تكاراها منه لأنه مدعى عليه في الكراء ويحلف رب الدابة: أنه أكراه إياها ويكون له كراء مثلها إلا/أن تكون الدابة للرجل الشريف العظيم القدر الذي مثله يأنف عن كراء دابته فيصدق الراكب مع يمينه، وإن نكل عن اليمين