عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن وهب. قال هشام بن عروة في هذا الكتاب: العرق الظالم هو أن يغرس في أرض غيره. قال مالك: هو أن يغرس أو يحتفر أو يتخذ بغير حق، قال عنه مطرف وابن الماجشون في هذه الكتاب: أو ابتنى، قالا: وقال ربيعة: العروق أربعة: عرقان فوق الأرض: الغرس والبناء، وعرقان في جوفها: المعادن والمياه، فكل بناء بني أو غرس غرس أو معدن احتفر أو ما انبسط في حق امرئ مسلم فهو من ذلك، قال عروة في كتاب ابن سحنون نحوا من قول ربيعة إلا أنه قال في الباطنين: البئر والعين. قال مالك في هذه الكتب: ومعنى الحديث في فيافي الأرض وما بعد من العمران.
قال ابن سحنون عن أبيه: قال مالك وأهل العلم: ما علمت اختلافا بينهم أن من أحيى أرضا ميتة في فيافي الأرض وأطرافها في بعد من العمران والقرى بغير إذن الإمام أن ذلك له ملكا تاما كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه قضى عمر بن الخطاب، واختلفوا فيمن أحيى فيما قرب من العمران والقرى: فقال كثير من العلماء من أصحابنا وغيرهم: له ذلك بغير إذن الإمام، وقال آخرون: ليس له ذلك إلا بأمر الإمام ونظره.
قال مطرف وابن الماجشون: إن من أحيى أرضا ميتة لاحق فيها لأحد ولا ضرر فيها على أحد مما بعد من العمران، وحيث لا يتشاح الناس فيه من الفيافي والصحاري ولا ماله أهل القرى المسكونة بمراعيهم ومحطبهم، فهي له، وإن كنا لا نأمر أحدا أن يحيى مواتا إلا بإذن الإمام، ولكن إن فعل في هذه الفيافي فهي له، وأما إن أحيى مواتا بقرب المدائن والقرى ونحو العمارة بغي قطيعة الإمام. فليس ذلك له، ولينظر فيه الإمام. فإن رأى إبقاءه له، فذلك له، وإن رأى أن يزيله ويقطعه غيره، أو يبقيه للمسلمين، فعل، ويعطيه قيمة ما عمر منقوضا إن شاء ذلك الإمام أو من يقطعه إياه، وإلا أمره بقطعه.