قال ابن كنانة في أرض متقاربة أو متباعدة بينهم مسارح تجمع فيها مواشيهم، هل لبعضهم عمارة تلك المسارح بالغرس والحرث؟ وهل ملك المسارح بينهم بالسواء، أو لبعضهم دون بعض، فمن قرب منها كان أكثر أرضا وعمارة؟ فقال: لا يقسم ذلك بينهم، لأن لكل واحد منهم أن يرعى في جمعه، ولو قسم لكان من بيع الكلأ المنهي عنه، فلا يجوز أن يحيى من ذلك بالغرس إلا ما لا يضر من ذلك بأهل القرى في مسارحهم وأمورهم تسعه البلاد وبعد ذلك من العمارة، فأما ما قرب من العمران فلا يحيى إلا بإذن الإمام.
ومن المجموعة: قال سحنون: وقد أقطع عمر العقيقة وهو قرب المدينة، فلم يؤخذ إلا بإقطاعه لقربه، قال: ومسافة يوم عن العمارة بعيدة.
ومن الكتاب ابن سحنون: قلت: فهل لما قرب من العمران أو بعد حد معلوم؟ قال: ما رأيت من وقت فيه من أصحابنا. وأرى ما كان من العامر على اليوم وما قاربها مما لا تدركه المواشي في غدوها ورواحها، وما نتقطع فيه الحجة بضيق المسرح، فأراه من البعيد ومن الفيافي، وأما ما تدركه المواشي في غدوها ورواحها، أو في غدوها ثم تروح، أو أبعد من ذلك قليلا مما فيه المرفق لأهل الغامورة فذلك يدخله نظر السلطان. فلا يحيى إلا بإذنه بعد اجتهاده ونظره ومشورته أهل الرأي.
ومن المجموعة: قال سحنون: وإن أتى قوم من قرية بعيدة من العمران فأحيوا فيها وعمروا، ثم أتى آخرون فأرادوا أن يحيوا معهم وبقربهم فلا يفعلوا إلا بإذن الإمام، لأنها قد صارت عمارة، فلا يعمر أحد بقربهم فيما عليهم فيه ضرر، ولكن يكون بإذن الإمام واجتهاده فيما لا ضرر فيه على الأولين.
قيل لعبد الملك في أرض أسلم عليها أهلها: أيقطع فيها الإمام؟ قال: أما في أطرافها حيث لا يبلغه المرعى والمسرح فيقطعه لمن يرى فيما لا يضر بأهل