قال مالك: لا يعجبني لأنه يقل ويكثر ولا أحب لهم أن يمنعوا الناس من الصيد فيها، قال أشهب: إذا كان لك غدير أو بركة أو عين فيها سمك فإن كنت أنت طرحت فيها سمكاً فتوالد ولم يأتها ذلك من غياث الله سبحانه فأنت أولى به، وإن كان ذلك جاء مع الماء إذ جاء فليس لك أن تمنع من الصيد فيها إلا أن يكون في صيد فيها ما يفسد عليك غير ذلك من ملكك فليس ذلك لهم.
قال سحنون: له أن يمنع مراعي أرضه وحيتان غديره لأن ذلك في ملكه وحوزه وذلك سواء. قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: ما كان من ذلك ملكاً لأهله وفي حوزهم وملكهم فلهم أن يمنعوا الناس منه وما كان منها في الخلج والأنهار التي لا تملك فليس لمن دنا إليها بسكناه/ وحقه أن يمنع منها من طرأ وقال مثله ابن حبيب، وكذلك قالا في مصايد الحيتان في الأنهار والبحيرات والغدر والبرك والخليج أن لهم منع الناس من الصيد فيها إن كان ذلك فيما يملكون من أرضهم، وإلا فليس لهم المنع منها.
قلت: فلو عملوا فيها مصايد بقصب وخشب وما عرفه أهل الاصطياد؟ قال: ليس لهم أن يتحجروها عن الناس ولكن يبدؤؤن بالاصطياد فيها فإذا أخذوا حاجتهم خلوا بين الناس وبينها والصيد فيها.
قال أصبغ: وابن القاسم ساوى بين ما كان في ملكهم وغير ملكهم كالكلأ. ومن المجموعة قال عبد الملك للرجل أن يُكري مراعي أرضه فإن شاء باع وإن شاء وهب إذا حضر وقت الرعي فإن كانت الأرض مسلم قوم من القرية فليس لهم أن يكروها ولا يمنعوا فضل مائها ليمنعوا به الكلأ.
قال سحنون: وفيها جاء الحديث فيما لا يُمنع ولا يجوز بيعه وكما لا يباع البئر في أرض الأعراب فكذلك كلؤها وكما يباع البئر في الأرض المملوكة، كذلك يباع كلؤها، هكذا بلغني عن سحنون أن مسلم القوم إن لم يكن في كلئه فضل عن ماشيته لضيق المسلم أو لكثرة الماشية فليس لغيرهم أن يدخل عليهم بالرعي فلهم منعهم لأنه من دفع الضرر ولكن ليس لهم بيعه كما لا يبيعون بئر ماشيتهم