للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أشهب: وإنما هذا حكومة سواء في كل ما نزل وفيما ذكر عمر في ذلك يقاس عليه/ كما يُروى في جزاء الصيد ويؤتنف فيه الحكم فيجتهد في ذلك كله في بئر العادية وبئر البادية وبئر الزرع وبئر الماشية ويقدر ما لا يضر من ذلك بمن سبق وليحتفر وإن كان أقل مما مضى من حده، وإن كان مما يضر فليمنع وإن كان أبعد مما مضى فيه من الحد لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا ضرر ولا ضِرار" (١)، وكذلك حريم العيون والأنهار مختلف باختلاف الأرض في لينها وشدتها وهذا في إحياء الموات وما احتفر الرجل في حقه أو [مما اختلط إياه أو ابتاعه] (٢) فإنما يراعي ألا يضر ما فعل بجاره إن كان يجد بداً من احتفار ذلك ولم يضطر إليه فإن كان لضرورة ولا مندوحة له منها فليحتفر في حقه وإن ضر ذلك بجاره لأنه قد أضر به تركه كما يضر بجاره حفره وهذا حقه أن يمنع جاره أن يضر به في منعه الحفر لأنه ماله، وهذا أيضاً قول مالك.

قال ابن القاسم في البئر في أرض صلبة فأراد أحد أن يحفر قربها أو يبني بناء فقال أهل البئر: هذا عطنُ إبلنا ومرابض غنمنا (٣) وبقرنا [وذلك لا يضر ماء البئر] (٤)، قال: يُمنع من ذلك لأنه حق لهم إذا أضر بهم في معاطنهم فهو كالضرر بهم في مائهم. وقال أشهب: هذا في إحياء الموات فيما يُحتضر ويُحرث ويُبنى فليس لمحيي الموات (٥) أن يحيى ما كان مُضراً بمن قاربه ولا ينظر فيه إلى قول الحافر ولا قول أرباب الماشية ولكن إلى ما كان فيه الضرر بعطنهم فإن لم يضربهم فله أن يحتفر.

قال ابن القاسم وأشهب فيمن له بئر خلف حائطه أو وسط داره فحفر جاره في داره بئراً أو كنيفاً أضر ببئر جاره فإنه يُمنع. قال أشهب لأنك أحييت


(١) رواه الإمام مالك في الموطإ مرسلاً عن عمر بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده فيما أسنده عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
(٢) العبارة جاءت في الأصل مضطربة فأثبتناه على الصورة التي ذكرنا.
(٣) في ص، هذا عطن لإبلنا ومرابض لغنمنا.
(٤) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(٥) في الأصل، فليس غير الموات وهو تحريف والصواب ما أثبتناه من ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>