وإنما كان يجوز له أخذ النقض لو ثبت للأول فيه نقض معروف فيوجد قائماً لم يغير فيقوم ربه فيه، فأما ما بلي فأكله الماءُ فلا يُنزعُ وإن كان غصباً لأن لا يُنتفعُ به وموضعه ليس لصاحبه فينازعه وإنما كان ينبغي للإمام أن يقضي في هذا للمغصوب بقيمة بنيانه ورحائه يوم هدمها الغاب إن كان قد بليت الحجارة والنقض وفي مسألتك لم يثبت لهم نقضٌ قد حول فيقضى لهم بقيمتها على الفساد والقلع والنقض فإن كان قد ذهب مع ذلك بحجارتها بأمر مشهود عليه قضى له بالقيمة قائمة على أصولها وإن لم يذهب بما قُضي له بما بين القيمتين ما نقض الهدم والفساد منها حية إلى وقت قلعها ميتة. فإن جهل هذا وأطأ العمل به وفسخ وأمر بالقلع وقضى به فاشتراه المغصوب وأقره وزاد فيه عملاً وبناءٌ فلا يعرض له ولا ينقض عليه.
ولا ينقض الإمام حكمه الماضي له به أنه وجه شبهة وإنما هذا بمنزلة ما/ ما لو قضى له فاشتراه غيره وأرضى صاحبُه المنقوض له وأقره لنفسه وزاد فيه فلا يُفسخ ذلك على هذا المشتري لأجنبي ويصير كمُحي مستأنفٍ لأنه كان له أن يحييه لو كان معطلاً بغير إذن الإمام لأن ذلك سُنتُهم في أنهارهم من أول الإسلام لأنها لهذا ولمثله من المنافع من قصائدهم وأرحيتهم ليست حمايةً ولا مساقي لغيرها من الأرضين ولا مصرف لها إلا لهذه المنافع فذلك لهم فيها وإن قرُبن من العمران.
قيل له: فإن كان القاضي جهل وجه الصواب فأمر ورثة الغاصب بقلع النقض وإخراب الأرحاء ولم يثبت عنده أن النقض للمغصوب منه وذلك بعد أن استعذر موضع الأول وطال زمان ذلك أو لم يطل فشق على أهل الغاصب قلعُه وباعوا ذلك النقض من المغصوب فأقره ورأى أنه أحق بذلك الموضع إذ ليس لأحد أن يبني فيه لقربها من الأرحية الأولى وأنفق في ذلك المشتري نفقة عظيمةً ثم أراد الإمامُ منعه من ذلك وقال هذا الموضع النظر فيه إلي. وقال ورثة الغاصب خُذ نقضك وانقله عن مكاننا الذي نحن أولى به؟