للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى جلس، ثم قام فخطب، فإذا فرغ من خطبته استقبل القبلة فحول رداءه ما على ظهره منه يلي السماء، وما كان يلي السماء يجعله يلي ظهره، ثم يستسقى الله عز وجل، ويدعو، ويفعل الناس كفعله، وهو قائم، وهم قعود، ثم ينزل وينصرف، وليس على الناس صيام قبل الاستسقاء، {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} (البقرة: ١٨٤). قال محمد بن عبد الحكم: وقال الليث: يحول الإمام رداءه، ولا يحول الناس أرديتهم.

ومن (كتاب ابن حبيب): ومن سنتها أن يخرج الناس مشاة في بذلهم، ولا يلبسون ثياب الجمعة، بسكينة ووقار، متواضعين متخشعين، متضرعين وجلين، إلى مصلاهم، فإذا ارتفعت الشمس، خرج الإمام ماشيا متواضعا في بذلته، متوكئا على عصا أو غير متوكئ، حتى يأتى المصلى، فيصلى ركعتين، يجهر فيهما بأم القرآن وسورة من قصار المفصل في كل ركعة، ثم يقوم فيجلس في مقام خطبته مستقبلا للناس جلسة خفيفة، ثم يقوم متوكئا على عصا فيخطب خطبتين يجلس بينهما، فيأمر بطاعة الله سبحانه، ويحذر عن معصيته ومن بأسه ونقمته، ويحض على الصدقة والاجتهاد في الدعاء أن يرفع عنهم المحل، حتى إذا لم يبق من الخطبة الآخرة غير الدعاء والاستغفار، استقبل القبلة، ثم حول رداءه مكانه قائمًا ما على الأيمن على الأيسر، وما على الأيسر على الأيمن، ويحول الناس جلوسا، ثم يرفع يديه، ظهورهما إلى السماء تلقاء وجهه ويدعو، ويفعل الناس مثله جلوا ويبتهلون بالدعاء، وأكثر ذلك الاستغفار حتى يطول ذلك، ويرتفع النهار، ثم إن شاء الإمام انصرف على ذلك، وإن شاء تحول إليهم فكلمهم بكلمات، ورغبهم في الصدقة والتقرب إلى الله سبحانه، ثم ينكفي منصرفا. وهذا الذي استحب أصبغ، وهو أَحَبُّ إليَّ. وكان مالك يرى رفع اليدين في الاستسقاء للناس وللإمام وبطونهما إلى الأرض. وذلك العمل عند

<<  <  ج: ص:  >  >>