به ثم اختلفوا أو نزع بعضُهم أو تجاوز الحق صاحبه ولم تحفظ البينة ذلك واحتاجوا إلى شهادة القاسم فإن كان هذا الحاكم هو أمره بذلك فشهادته وحده في ذلك جائزة إذا كان الحاكم يعلم/ ويذكر الآن أنه أمره بذلك يومئذ فليمض شهادته وحده على ما وصف. وقاله ابن الماجشون. وكذلك كل ما لا يباشره القاضي من الفعل والقسم والأحلاف والكتاب والنظر إلى العيب وشبهه فمأمون مقبول القول فيه عنده لأن فعله في ذلك كفعله كانوا مرتزقين أو غير مرتزقين.
قال ابن حبيب: وإن لم يمكن هذا الحاكم هو أمر القاسم بقسم ذلك وإنما أمره من قد درج من الحكام أو قومٌ تراضوا على قسمه فلا يجوز فيه شهادة القاسم أصلاً ولابد من اثنين سواه أن القاضي أمره بذلك وأنه بعد أن قسم نفذه القاضي أو أن الورثة تراضوا به وألزموا أنفسهم قسمه بعد أن قسم وكذلك العاقد والمحلف والكاتب والناظرُ إلى اللبيب لا تجوز شهادتهم عند غير الذي أمرهم في الذي أمرهم فيه لا وحدهم ولا مع غيرهم بحالٍ، كما لا تجوز شهادة القاضي المعزول فيما يذكر أنه حكم فيه لا وحده ولا مع غيره. وقاله ابن الماجشون، وهو تفسير قول مالك.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه: وإذا شهد قاسمان على ما قسماه بأمر قاض أو بغير أمره فإن كل إنسان ممن قسما بينهم قد استوفى في نصيبه فلا تجوز شهادتهما لأنهما شهدا على فعل أنفسهما. قال ابن حبيب: ولا يأمر القاضي بالقسم إلا القاسم المأمون المرضي عنده البصير بما يكلفه، فإن كان/ اثنان فهو أفضل وإن لم يجد إلا واحداً فهو يكفي وإذا أتاه فأعلمه أنه قسم وأتاه بصفة ما فعل جاز للقاضي قبوله منه والإشهاد عليه إذا رآه صواباً وأقر به أكابر الورثة ولم يدعوا بشيء ينظر لهم فيه فليُنفذه على الصغير والغائب بقول القاسم وحده، وليس بمعنى الشهادة بل هو بمعنى المعونة له على أمره، وبعض القضاة يبعث قاسماً لا يرضى حاله ويأمره من يرضاه أن يحضر معه وهم يجهلون أمر القسم فهذا خطأ ممن فعله، لأن من معه لا يدري صواب القاسم من خطئه أو عدله وجوره شيئاً وإنما يشهدهم على فعله وهم لا يعلمون من ذلك غير قوله بشهادتهم أنهم حضروا