للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم: وإن جنى عليه، في ردته، ففعل ذلك، إن قتل لبيت المال، والعمد فيه كالخطأ؛ لا قود فيه، ولو كان الجارح نصرانيا؛ لأن المرتد لا دين له يقر عليه، فمات عليه.

وروى المصريون، عن ابن القاسم، في المرتد يعدو عليه رجل، فيقتله؛ قال: على عاقلته/ الدية، والعقوبة الشديدة. وإن قتل هو رجلا خطأً، فديته على المسلمين.

قالوا: فإن كان عمداً، وله ها هنا مال، وهرب إلى أرض الحرب، فلا شيء لولاة المقتول في ماله.

قلت: قال بعض الناس- يعني الشافعي- في المرتد، رمى بسهم، فأصاب به رجلاً خطأً، ولم يقع فيه السهم حتى أسلم المرتد: إن هذا في ماله؛ لا تحمله العاقلة؛ لأن الرمية خرجت، ولا عاقلة له.

وقال: أصاب في أنه لا عاقلة للمرتد. إلا أني إنما أنظر إلى الجناية، في وقت تفرض على العاقلة، وهذه لم يحكم فيها حتى أسلم، وله الآن عاقلة، فذلك عليهم، كالخطأ.

وقد قال أصحابنا؛ ابن القاسم، وغيره: إن جنى خطأً، ثم أسلم، وله الآن عاقلة، فذلك، عليهم كالخطأ؛ أن عاقلته تحمل ذلك وكذلك هذا عندهم أجمعين.

قال سحنون: وفي قوله الأول؛ هي في ماله على أن ينظر إلى الجناية، يوم وقعت، لا يوم الحكم. وذلك كقول الشافعي.

ألا ترى أن سحنوناً يقول، في عبد رمى رجلاً بسهم، فأعتق قبل وصول سهمه: إن الجناية في رقبته؛ لأنه عبد يوم الرمية؟. فجعل الحكم بخروج الرمية، لا بوقوع السهم؛ في هذا القول. وقال في مسلم رمى مرتداً، فلم يصل إليه السهم حتى أسلم، ثم وصل إليه؛ فقتله، أو جرحه؛ فلا قصاص على الرامي؛ لأنه يرميه في وقت لا قود فيه، ولا عقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>