للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حبيب: وإذا بغت قبيلة على قبيلة فقاتلتها حمية وعصبية وفخراً بالأنساب وغيرها من النائرة، فعلى الإمام أن يكفهم ويفرق جمعهم، فإن لم يقدر فليخرج إليهم، وعلى الناس الخروج معه لذلك، فإذا نزل بقربهم راسلهم وسمع حجة كل فريق، فإن ظهر له أن إحداهما ظالمة للأخرى باغية عليها، أمرها بالكف والانصراف، فإن أطاعته وانصرفتا، فلكل فريق طلب الفريق الآخر بما جرى بينهم في ذلك من دم ومال، ولا يهدر شيء من ذلك، بخلاف ما كان على تأويل القرآن، فإن أبت الطائفة الباغية أن تنصرف عن المبغي عليها قاتلها معها ومن معه من المسلمين.

وإن تبين للإمام العدل أن الطائفتين باغيتان أمرهما بالتفرق والانصراف، فعلتا وإلا جاهدهما بمن معه من المسلمين. وهذا معنى الآية التي ذكر الله تعالى في الفئة الباغية.

(قال ابن حبيب: ونادى منادي على ابن أبي طالب في بعض من حاربه أن لا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح ولا يقتل أسير. ثم كان موطن آخر في غيرهم فأمر باتباع المدبر وقتل الأسير والإجهاز على الجريح، فعوتب في ذلك فقال: هؤلاء لهم فئة ينحازون إليها، والأولون لم تكن لهم فئة.

قال عبد الملك: وما أصاب الإمام من عسكر أهل البغي من كراع وسلاح، فإن كانت لهم فئة قائمة فلا بأس أن يستعين به الإمام ومن معه على قتالهم إن احتاجوا إليه، فإن زالت الحرب رده إلى أهله. وما سوى الكراع والسلاح فيوقف حتى يرد إلى أهله. ولا يستعان بشيء منه، وإن لم تكن لهم فئة قائمة رد ذلك كله من سلاح وغيره إليهم أو إلى أهلهم.

(وكذلك قال ابن الماجشون وأصبغ في أهل العصبية والحرورية) (١) وكذلك فعل على بن أبي طالب رضي الله عنه.


(١) هذه الفقرة الطويلة المكتوبة بين معقوفتين ساقطة من ف.

<<  <  ج: ص:  >  >>