ويكره أن يبعث برؤوس أهل البغي وغيرهم من العدو إلى الآفاق، وهو مثلة لم يكن يفعله السلف.
ومن قتل أباه من أهل البغي أو أخاه لم يحرم عليه ميراثه. ويكره له قتل أبيه منهم في القتال من غير تحريم، إلا أن يكون أبوه قصد إليه ليقتله، فلا بأس أن يدافعه الابن بالقتال إن لم يجد حودا عنه بلا هزيمة ولا وهن يدخل على أصحابه. وأباح أصبغ أن يقصد أخاه بالقتل وينتهز فرصته وغفلته. وإذا حملت على أحد منهم فقال: تبت وألقى السلاح فدعه.
ولو قال: كف ولعلي أبايعك وألقي السلاح (فكف عنه. وإن قال كف فإني على دينك ولم يلق السلاح)(١) فلا تدعه ولا تعجل بالقتل حتى يتبين ما أراد لأنه على دينك بالإسلام وقد ابتدع، فإن عاجلك فاقتله إلا أن يلقي السلاح.
ولو أن أهل البغي صالحوا المشركين ثم غدروهم فسبوهم لم يجز لنا شراؤهم، ولو أن أهل البغي ألجأوا المسلمين إلى دخول أرض الحرب لم يجز لهم أن يعينوا المشركين عليهم. ولو استعانوا بهم المشركون على قتال عدو لهم لم ينبغ أن يعينوهم، إلا أن يغير عليهم بعض أهل الشرك ويسبوهم فيخاف المسلمون على أنفسهم من ذلك، فلا بأس أن يقاتلوا حينئذ مع الذين هم معهم.
وكذلك لو كان أهل البغي غزوا المشركين وسبوهم حتى خلصوا إلى من عندهم من المسلمين، فلهم دفعهم عن أنفسهم. ولو أن المشركين سبوا أهل البغي وذراريهم وبالمستأمنين من المسلمين قوة على اسنقاذ السبي منهم، فعليهم أن يقاتلوهم على خلاص الذراري، ولا يوفى لهم بالعهد في مثل هذا، كما لا يعطي العهد عليه. وقاله كله ابن الماجشون وأصبغ.