ينضم إليه شيء آخر- أو بحدوث الملك للسابي، ومعلوم أن الملك لا يمنع النكاح؛ ألا ترى أنه يجوز ابتداء العقد على المملوك؛ ولهذا لو بيعت الجارية لم تقع الفرقة، وإن وجد الملك فيها للمشتري، وكذلك إذا مات رجل وخلف أمة منكوحة: ثبت الملك فيها للوارث ولا يبطل النكاح. وإذا لم يثبت الفرقة بهذين الوجهين - لم يبق إلا تباين الدارين؛ فدل أن سبب الفرقة هو تباين الدارين في المسبية، والتباين موجود في المهاجرة، واللَّه أعلم.
[فإن احتجوا بما روي عن عكرمة عن ابن عَبَّاسٍ قال:" رد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بنته زينب على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول بعد سنين "]، وقد كانت زينب هاجرت إلى المدينة وبقي زوجها مشركًا بمكة، ثم ردها عليه بالنكاح الأول؛ فدل أن اختلاف الدارين لا يوجب الفرقة.
فنقول له: لا يصح الاحتجاج به من وجوه:
أحدها: أنه ردها بعد ست سنين بالنكاح الأول؛ ولا خلاف بين الفقهاء لا يرد إلى الزوج بالعقد الأول بعد انقضاء ثلاث حيض، ومعلوم أنه ليس في العادة ألا يكون ثلاث حيض في ست سنين؛ فسقط الاحتجاج به.
والثاني: أنه روي عن عكرمة عن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنهما - أنه قال في اليهودية تسلم قبل زوجها:" إنها أملك بنفسها "، فكان من مذهبه أن الفرقة وقعت بإسلامها، والراوي متى عمل بخلاف ما روى؛ دل على انتساخ ذلك؛ إذ لا يظن به أنه خالف رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.
والثالث: أن عمرو بن شعيب رُويَ عن أبيه عن جده أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - رد بنته زينب - رضي اللَّه عنها - على أبي العاص بنكاح ثانٍ؛ فوقع التعارض بين الحديثين؛ فبطل احتجاجه بالحديث. ثم الترجيح لما رويناه؛ لأن فيما رواه إخبارًا عن كونها زوجة له بعدما أسلم الزوج، ولم يعلم حدوث عقد ثانٍ. وفي حديث عمرو بن شعيب إخبار عن حدوث عقد ثانٍ بعد إسلامه، والثاني: إخبار عن معنى حادث علمه، وهذا كما رجحنا حديث ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - تزوج ميمونة وهو محرم على حديث يزيد