وقال أهل العراق: لا يفر اثنا عشر ألفاً من العدو وإن كثروا , لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ولن يغلب اثنا عشر ألفاً من قلة. قال سحنون: لا أعرف هذا , ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: لا يفروا. وقد كان المسلمون يوم اليرموك ثلاثين ألفاً والعدو مائة الف , فرأى أبو عبيدة وخالد القتال. وقال غيرهم من الصحابة كثير ننحاز إلى فئة ويشاور أمير المؤمنين , ثم عزم أبو عبيدة على القتال.
قيل لمالك: أسمعت أن عمر قال: أنا فئة لكل مسلم؟ قال: قد سمعته ولكن لا أحب أن يتحرفوا إلى فئتهم إلا عن هلكة وضعف. قال مالك في السرية القليلة يلقون أضعافهم فلهم الانحياز إلى عسكرهم. قال عنه علي: إن عملوا أنهم لا ينكون العدو لقلتهم فلينحازوا ولا يلقوهم فيستأسد العدو إذا قتلوهم. وذكر قول عبد الملك الذي ذكره ابن حبيب أول الباب , وحكاه ابن المواز وأجاز قول عبد الملك في ذلك كله واستحسنه.
ومن كتاب ابن حبيب: ولا باس أن يحمل الرجل وحده على الكتيبة وعلى الجيش إذا كان لله وكانت فيه شجاعة وقوة , وليس من الإلقاء بيده إلى التهلكة , فلا يفعل ذلك لغير الله ولا يفعله الضعيف إن كان لله سبحانه , قال القاسم بن محمد والقاسم بن مخيمرة: لا بأس أن يحمل الرجل وحده على عشرة آلاف إذا كانت به عليهم قوة , وليس من الإلقاء إلى التهلكة , وإنما ذلك ترك الإنفاق والجهاد في سبيل الله. وقال أبو أيوب الأنصاري: نزلت حين أردنا أن نقيم في أموالنا نصلحها وندع الجهاد بعد ما نصر الله نبيه وظهر الإسلام , فأنزل الله هذا.
ومن كتاب ابن المواز: وقال أشهب في قوم نفروا في طلب عدو فأدركهم واحد من المسلمين أيحمل عليهم؟ قال: إن احتسب ولم يرد الفخر فذلك حسن , وإلا فلينصرف إلى أصحابه أو يتكعكع إليهم. وقال عن مالك في رجل لقي من العدو عشرة أو أكثر أيقاتلهم أو ينصرف إلى عسكره إذا أمكنه؟ قال: