بالموت قبل أن يموت , فاحتسب كما قال عمر. وروى أشهب عن مالك الكراهية لذلك , ثم ذكر الرواية.
وذكر العتبي قال: أشهب عن مالك في الرجل يحمل وحده على الجيش , قال: اخاف أن يكون ألقى بيده إلى التهلكة وليس ذلك سواء من كان في الجيش الكثيف , فيحمل وحده على الجيش , وآخر خلف خلفه أصحابه بأرض الروم أخطأوه , فهو يخاف الأسر فيحمل عليهم , فهذا خفيف. والأول مضطر , ويختلف إن حمل احتساباً بنفسه , وآخر يريد السمعة والشجاعة. قال عمر: والشهيد من احتسب نفسه قال عنه أشهب في الجيش بأرض العدو يصاح فيهم: السلاح , فيأخذ الرجل سلاحه , ثم يتوجه فيلقى جيشهم: فلا بأس أن ينحاز راجعاً إلى أصحابه.
ومن كتاب ابن سحنون: قال عقبة بن عامر: الفرار الأعظم من الزحف الفرار إذا التقت الفئتان. قال عطاء: من فر من مراماة من حصن , فلا بأس عليه ما لم يفر من الزحف , وللواحد أن يفر من الثلاثة , وقاله ابن عباس.
قال سحنون: لا يفر من المثلين ولهم أن يفروا الواحد من الثلاثة والمائة من ثلثمائة. وإذا دهمهم من العدو الأمر الذي لا فراق معه فلهم الفرار ولهم أن يقاتلوهم. وقال في قول الله تعالى " ومن يولهم يومئذ دبره " , الآية , إنه إنما كان ذلك في يوم بدر خاصة. قال محمد: لأنه لم يكن لهم فئة غير النبي صلى الله عليه وسلم. قال إسماعيل بن موسى: أول ما أمر النبي عليه السلام بالقتال , كان من فر عنه فر إلى غير فئة. فأما اليوم فحيثما فر فإلى فئة يفر.