وروى ذلك عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم فعله والأئمة بعده. ويبيع الإمام للناس أربعة أخماسهم ويتوثق لهم. وربما رأى بيع الجميع أفضل قبل القسم ليخرج الخمس من الثمن لئلا يدخل الغنيمة ضيعة أو تلف، فذلك له.
وإذا نزل الخليفة أو أمير الجيش بماحوز أو ثغر وأرسل الصوائف والجيوش والسرايا وأقام فهذا كالمقيم بداره، فليس عليهم تأخير قسم الغنيمة وبيعها حتى يأتوه، ولا له ولا لمن بقى معه من الجيش فيما يغنمون حق حين لم يدربوا معهم.
قال ابن سحنون قال سحنون: وينبغى أن يأمر الإمام يبيع الغنيمة من العروض بالعين ثم يقسم، فإن لم يجد من يشترى العروض قسم العروض بالقيمة على خمس أجزاء بالقرعة، فيأخذ الخمس ثم يقسم الأربعة أخماس بين أهل الجيش.
قال ابن حبيب سمعت أهل العلم يقولون: ما يستطاع قسمه قسمه الإمام إذا شاء، وما لا ينقسم بيع فقسم ثمنه مع ما غنم من ذهب أو فضة، وله بيع الجميع وقسم ثمنه على الإجتهاد منه وممن معه من أهل العلم بالنظر للمسلمين، ولا يبيع إلا بالنقد إلا أن يرى فى ذلك ضرراً فليكتبه حتى يخرجوه ثم يتقاضاه ويقسمه قبل تفرق الناس. وبالنقد أحب إلينا قدر، وليس يرد فيه بعيب ولا عهدة، وهو بيع براءة إلا أن يقوم قبل القسم وتفرق الجيش فلا بأس على الإمام أن يقبل ذلك ممن رده بعيب ثم على يبيعه على بيان. والذى ذكر ابن حبيب من هذا استحسان وليس بلازم للإمام لأنه عند أصحابنا بيع براءة.
قال ابن حبيب: والسنة قسمها ببلد الحرب قبل تفرق الناس كما فعل النبى صلى الله عليه وسلم، وكذلك فعل الناس بأمر الخلفاء، وينبغى أن يؤذن الناس بذلك ويواعدهم بمكان يأمن فيه من كرة العدو، ولا يخلفهم وليوافهم غير مبطىء ولا مسرع، فيقسم ويعزل الخمس ويقسم الأربعة أخماس بين من حضر، ومن غاب رفع له سهمه.