يدخل العمل، فإن كان فاسدًا أصليًا ليس لسبب حدث فيه بعد تمامه، وكان لا يعرف حتى يدخل العمل، فلا رد له، ولو كان شيئًا يعرفه بالنظر قبل العمل، لكان له الرد، وكذلك ما كان سببه في الجلود من قلة الملح، أو يسقط في بحر أو نهر، ثم يجفف في الشمس، فتنتتف في الدباغ، فله الرد، ولا يعد بائعها مدلسًا. وإن قل ذلك؛ لأنه يرجو السلامة وترجى له، وقد يقل مكثها في الماء ويكثر، وقد يجزيها قليل الملح، وقد لا يجزي إلا أن يكون قد باع بعضها، فظهر له فيها ذلك، فهو فيما بعدها كالمدلس إن لم يبين، رد الثمن كله، وأخذها فاسدة.
ومن كتاب ابن سحنون، عن أبيه: وعن جلود تشترى يابسة، فتطرح في الماء، فيظهر فيها فساد واختراق، ولا يتبين ذلك للمشتري حتى تجعل في الماء، فيظهر فيها. قال: ينظر في ذلك أهل المعرفة، فإن كان مثل ذلك لا يخفى عن البائع، فهو كالمدلس، وإن كان يخفى مثله، كان كمن لم يدلس، وكان بمنزلة القثاء يجده مرًا ثم رجع بعد ذلك، فقال فيها غير هذا.
ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم وأشهب: وليس اللباس في الثوب كالقطع فيه؛ لأنه منتفع، وكطعام أكله، قالا: وإذا وجد به عيبًا قديمًا بعد أن لبسه حتى غسله غسلات، والتدليس في اللباس وغير التدليس سواء، إن كان لباسًا خفيفًا، رده ولا شيء عليه، وإن كان كثيرًا ينقصه، لم يرده إلا وما نقصه أو يحبسه، ويأخذ قيمة العيب، وكذلك افتضاض الأمة؛ لأنه انتفع، فلا يردها إلا بما نقصها ذلك. وذكر في الواضحة، عن مالك في اللباس مثل ما تقدم. وقال عن أصبغ أنه أجاز شراء الخشب في الماء، لا يرى إلا ما ظهر منها. وقال: أمرها على السلامة، وإذا وجد خلافًا على ما ظهر منها، وله الرد، وإذا خرجت، فجعلت ركامًا بعضها فوق بعض، لم يجز شراؤها، كذلك حتى يظهر لمشتريها ما يعرف به ما يشتري.