وقال مالك، وابن القاسم، في البيض يجده فاسدًا: إن كان بحضرة البيع رده، وإن كان بعد أيام لم يرده، إذ لعله فسد عنده. وفي غير كتاب محمد: ولأن الفساد يسرع إليه.
ومن الواضحة ذكر ابن حبيب، عن مالك في الخشب مثل ما تقدم. قال ابن حبيب: وهذا إذا كان من أصل الخلقة فيها، لم يحدث فيها من عفن وشبهه. وكذلك غير الخشب مما لا يمكن أحدًا علم عيبه إلا بعد قطعه، ومثل الصندل والعود، وأما الرانج، والجوز، واللوز، والقثاء يوجد داخله فاسدًا أو مرًا، فمالك يراه كالخشب. وقال ابن الماجشون: هذا في اليسير، إذ لا يسلم منه، فأما ما كثر فيرد، ولو شرط البائع البراءة منه، لم يجز؛ لأنه خطر، وهو معنى قول مالك. وقاله أصبغ.
وقال مالك وأصحابه في عيب البيض: إنه مما يعرف ويظهر. قال ابن حبيب: وأما ما يحدث بعد الصحة من عفن وسوس، أو في الجلود من سوء صنعة، أو داء، فهذا مما يعلمه بعض الناس، وإن جهله آخرون، وله الرد، فإن دبغ الجلود، ثم ظهر له ذلك، فله أخذ قيمة العيب، أو يردها، ويكون شريكًا مما زادت الصنعة على قيمتها فاسدة غير مدبوغة، ولو باعها منه أولاً على أن يرد منها ما انتتف، لم يجز، إذ لا يدري ما ينتتف؟ وهل هو في خيارها أو شرارها؟ ومثل جلود الفرائين للمبتاع عند دباغها: إنها قد ساست، ولم تقم عنده ما تسوس في مثله، وهو لا يظهر له عند الشراء؛ لأنها يابسة، وربما كانت غير يابسة، والسوس فيها بين الجلد والصوف، فإذا دبغت، انتتفت، فهذا كسائر العيوب، وكذلك جلود البقر تباع مطوية يابسة، فإذا بلت تبين السوس فيها، فذلك من البائع، فهذا عند مالك وأصحابه، بخلاف ما فيه ذلك من أصل الخلقة، ولا يمكن أحدًا معرفته، إلا بعد قطعه، مثل الجدري في الجلود لا يعرف إلا بعد الدباغ، فيصير كالخشب لا يعلم عيبها حتى تشق، فأما ما يحدث في أيدي الناس من سوس وعفن وسوء صنعة، من قلة ملح أو حرارة شمس، أو ماء بحر، فكسائر العيوب. وقاله كله ابن الماجشون، وأصبغ. وقاله أصبغ في لون الحرير لا يعلم فساده حتى