وروى عيسى عن ابن القاسم، قال: قال مالك في الناعس ثلاثة أقوال، فقال: يتَّبِعه ما لم يرفع رأسه من سجود التي نعس فيها. وقال أيضًا: يتَّبعه ما لم يرفع رأسه من ركوع التي تليها. قال يحيى بن عمر: هذا قول الليث، وابن وهب. قال ابن القاسم: والقول الثالث فرَّق فيه بين الأولى والثانية، فقال: إن كانت الأولى فلا يتَّبعه رأسًا، وإن كانت غيرها فليتَّبعْه ما طمع أَنْ يدركه في سجودها. وهذا أبينها. قال: والزحام والغفلة والنعاس في ذلك سواء. وقاله أشهب، وابن وهب.
وقال يحيى بن عمر: وروى أصبع، عن أشهب، وابن وهب، أن الأولى وغيرها سواء يتَّبِعُه ما لم يرفع رأسه من سجودها. كما حكى عنه ابن الْمَوَّاز. وفي رواية العتبي، أنهما فرَّقا بين الأولى والثانية، مثل قول ابن القاسم، وفرَّق ابن القاسم بين الزحام وغيره من نعاس أو غفلة، فقال: لا يتَّبعه في الزحام، كانت الأولى أو الثانية، وليُلْغِهما. وأما إن غفل أو نعس حتى رفع الإمام رأسه من الركوع فتفترق عنده الأولى والثانية، فليُلغي الأولى ولا يتَّبعه، وإن كانت غيرها فليتَّبِعْه ما كان يدركه في السجود.
وذكر ابن حبيب مثله عن ابن القاسم وأصبغ، التفرقة بين الزحام وغيره، وقال عن عبد الملك ومطرِّف: إن المزحوم أعذرهم، ومَنْ لم يُمْكِنْه السجود إلاَّ على ظهر أخيه لم يجزه سجوده، فإن أمكنه أَنْ يسجد بعد رفع الناس رءوسهم فعل، وتُجْزِئه الجمعة، وإلاَّ بنى على إحرامه ظهرًا، وكذلك في غير الجمعة، إلاَّ أنَّه إن قَيَّد الأولى وضغط عن ركوع الثانية فليتَّبِعْه، ما لم يرفع رأسه من ركوع الثالثة،