ومن المجموعة والعتبية، من سماع أشهب، قيل لمالك: أيقضي إذا حضره الخصمان بما حضره ساعتئذ؟ قال: أما الأمر الذي قد عرفه، ومر عليه، وقضى به، فليقض به فيما رأى، وأما الأمر الذي لا يدري ما هو؟ ولم يفعله، فليتثبت، وينظر، وقال أشهب في المجموعة: ومطرف وعبد الملك في الواضحة: وينبغي للقاضي أن يقضي بما أمر الله في كتابه ولا أحكمت السنة خلافه، فيكون ذلك ناسخا له، ويكون نسخه في كتاب الله مجهولا، فإن لم يجد في كتاب الله فيما أتاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مجتمعا عليه، فإن لم يجد، ففيما أتاه عن الصحابة رضي الله عنهم.
قال أشهب: فإن اختلفوا فيه، أخذ بقول أكثرهم. وقال في موضع آخر، وقاله معه مطرف، وابن الماجشون: وإن اختلفوا فيه نظر فيما أتاهم عن تابعهم، فقضى به، فإن لم يكن فيما جاءه عنهم أو اختلفوا فيه كاختلافهم: تخير من أقاويلهم أحسنها في نفسه.
قال أشهب في المجموعة: ولا يخالفهم أجمع، فإن لم يجد ذلك فيما ذكرناه، اجتهد رأيه إن كان للرأي أهلا، وقاسه بما جاءه عنهم، مع مشورة أهل المشورة، وأحب إلي ألا يقضي إلا عن مشورة، إلا أن يكون قد جرى على يديه، وشاور عليه، فليس عليه أن يشاور فيه آخر، إلا أن يشك/ فيه، فيشاور رهطا من أهل الفقه، قال ابن وهب: قال مالك: الحكم على وجهين، والذي بالقرآن والسنة، فذلك الصواب، فالذي يجهد العالم نفسه فيه فيما لم يأت فيه شيء، فلعله يوفق، وبات متكلف لم لا يفهم، فما أشبه ذلك أن لا يوفق. [٨/ ١٧]