قال أشهب: وكان عثمان رضي الله عنه، إذا جلس للقضاء، احضر أربعة من الصحابة، ثم استشارهم، فإذا رأوا ما رأى، أمضاه، وقال: هؤلاء قضوا، لست أنا.
قال ابن نافع: قال مالك: كان عثمان فذكر نحوه.
قال أشهب: وينبغي للقاضي إن قدر على ذلك ألا يقضي إلا وعنده علماء من أهل الفقه، يأمرهم ألا يشتغلوا عن الفهم لما يدلي به عنده من الحجج، ولما يقضي به فيما فهم من ذلك وفهموا، ولا ينبغي لمن حضره منهم إذا بضى بشيء وزل فيه أن يدعه وإمضاءه ليكمله فيه بعد ذلك، لكن يرده مكانه في رفق ولين؛ لئلا يفوت القضاء به، فلا يقدر على رده، إلا أن يخاف الحصر من جلوسهم عنده، أو يشتغل قلبه بهم وبالحذر منهم حتى يكون ذلك نقصانا من فهمه، فأحب إلي أن لا يجلسوا إليه.
قال ابن المواز: ولا أحب له أن يقضي إلا بحضرة أهل العلم، ومشاورتهم، وإن قدر ألا ينظر بين اثنين في شيء إلا بمحضر عدول يحفظون إقرار الخصوم.
قال ابن سحنون: قال سحنون: ولا ينبغي للقاضي أن يكون معه في مجلسه من يشغله عن النظر/، كانوا أهل فقه أو غيرهم، فإن ذلك يدخل عليه الحصر والاهتمام بمن معه.
قال ابن حبيب: قال مطرف، وابن الماجشون: لا ينبغي للقاضي أن يجلس معه الفقهاء في مجلس قضائه، ولم يكن هذا فيما مضى، ولكن ليتخذهم مشيرين إذا ارتفع عن مجلس قضائه، شاورهم، وكذلك كان يفعل عمر رضي الله عنه.
قال ابن المواز: ولا يدع مشاورة أهل الفقه الذين يستحقون المشورة، وذلك بعد أن يتوجه الحكم لأحد الخصمين، قاله أشهب، في المجموعة: وقاله سحنون في كتاب ابنه. [٨/ ١٨]