قال أصبغ في كتابه، وفي كتاب ابن حبيب: وحق على الإمام أن يوسع على القاضي في رزقه، ويجعل له قومة يقومون بأمره، ويدفعون عنه الناس، وينبغي له أن يجري ثمنا لرقوق يدون فيها أقضيته وشهاداته إذا كان عند نفسه، ويجري له ثمنا لمصابيح ينظر بها بالليل في أمور الناس ويدبرها، ولا ينبغي له أن يأخذ رزقه إلا من الخمس، أو الجزية، أو عشور أهل الذمة.
قال أصبغ: إن طاب مجيء ذلك بغير ظلم ولا تعدي، ولا يرتزق من صدقة ولا عشور، ولا يحل ذلك له، وبلغني أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، كان قاضيا بالمدينة، فارتزق من العشور أو الصدقة، فلما ولي عمر بن عبد العزيز، كتب بعزله، فاعتذر بعض العذر، وفرض له من فدك.
قال أصبغ: وأراها كان فيها ذمة، قال ابن حبيب: وكان مسروق لا يأخذ على القضاء رزقا.
قال أبو محمد: وقد ذكرت في باب صفة القاضي قول سحنون: والقاضي إن كان فقيرا: لا يجلسه الإمام حتى يغنيه/،ويقضي دينه، ويكفيه جميع ما يحتاج إليه.
قال سحنون في كتاب ابنه: ولا بأس أن يكلف الطالب صحيفة يكتب فيها حجته وشهادة شهوده.
قال مالك: ولا بأس بإرزاق القضاة من بيت المال، وأما العمال؛ فإن عملوا على حق، فلا بأس بارتزاقهم.
قال أشهب في المجموعة: وأرى أن يرتزق من كان في عمل المسلمين من الفيء على قدره في أمانته وجزائه إذا جبى من موضعه، ووضع في موضعه، فأما إن كان لا يخرج في مكروه. [٨/ ٣١]