قال مالك: ولا أرى أن يأخذ قسام القاضي على القسم أجرا. قال ابن القاسم: وقسام المغانم عندي مثله، فإنما كره مالك ارتزاق القسام؛ لأنها إنما تؤخذ من أموال اليتامى، وفي موضع آخر: لأنه إنما يفرض لهم من أموال الناس، ولا بأس أن يرتزقوا من بيت المال. قال مالك: وكذلك أشياء من أمور الناس بيوتهم بيعت فيهم، فإنما رزقهم من بيت المال.
ومن العتبية، قال ابن القاسم، عن مالك: كان زياد بن عبد الله يبعث شرطا في الأمر يكون بين الناس من المناهل، ويجعل لهم أموالهم جعلا، فنهيته عن ذلك، وقلت: إنما يرزقهم السلطان فقيل له: فإن صاحب السوق جعل لمن ولى عليهم شركا معهم فيما اشتروا. قال: ما أمرته بذلك، وهذه يخاف عليها ما يخاف. وذكر فيها تفسيرا.
قال ابن القاسم: ولو واجر قوم قاسما لأنفسهم، لم أربه بأسا/ كما قال مالك في كتاب الوثيقة: أرى أجرها عليهم.
قال سحنون: ولا بأس أن يرزق القسام من بيت المال، فإن لم يكن لهم رزق، فلا بأس أن يؤاجروا أنفسهم في ذلك.
قال ابن الماجشون، في قاسم الغنيمة: إن فعل ذلك احتسابا ينوي الأجر، ولا يأخذ فيما عمل شيئا، إلا من الله سبحانه، وإن استؤجر، فله أجرته، ولا أعلمها تحرم عليه، وكذلك القاسم؛ جعله فيما قسم من أموال اليتامى، وليس ذلك على السلطان، ولم يزل ذلك بالمدينة، وإن احتسب فله أجره على الله سبحانه.
قال أشهب عن مالك: كان الناس هاهنا عندنا يقتسمون بغير جعل، قيل: فتكرهه؟ قال: من احتسب فهو خير له، ولا أحرمه. وهذا لابد منه، وكان القضاة عندنا يخبرون الورثة من يقسم بينهم، فمن دعوه إليه، بعثه إذا كان رضيا. [٨/ ٣٢]