قال ابن حبيب: قال أصبغ: وإذا بعث القاضي قاسما يقسم بين ورثة فيهم صغير، أو غائب، فليأمره أن لا يشهد فيه حتى يرفعه إليه لينظر فيه، فإن رآه صوابا، أمضاه، إن كان مأمونا عنده، واثنان أحب إلي، والواحد يجزئ، وينبغي أن يجعل للصغير أو الغائب وكيلا يقوم مقامه في القسم.
قال سحنون في كتاب ابنه: ويرتزق القاضي من بيت المال لا من الصدقات والعشور، لا هو ولا كاتب ولا قاسم، ولا ينبغي له إذا اتخذ قساما أن يكره الناس على قسمهم خاصة.
قال سحنون: وأيما قوم اصطلحوا على قسمة غير هؤلاء القسام، فذلك جائز، إلا أن يكون فيهم/ غائبا وصغيرا، فالسلطان ينظر في ذلك لهم، وأجر القاسم إذا استؤجر على عددهم سواء، لا على الأنصباء.
قال ابن سحنون: وقد قسم سحنون للناس احتسابا، ولم يرزقهم شيئا من بيت مالهم، فلم يقبل رزقا ولا كسوة ولا حملانا ولا خاتما وضعه في يده، وسمعته يقول للأمير الذي ولاه: والله لو أعطيتني جميع ما في بيت المال ما قبلته، وكان تركه لأخذه من غير تحريم، ويقول: لو أخذته، لجاز. وكان يأخذ الأرزاق لأعوانه وكتابه، وكلم الأمير لهم حتى أجرى ذلك لهم، وسأله أن يعطيهم ذلك من جزية اليهود، وكلمه حتى أجرى لقضاته أرزاقهم، ثم كلمه في الزيادة لهم، فزادهم، وإذا أبطأت عليهم، كلمه لهم في تعجيلها. وقد قال عمر: أغنوهم بالعمالة عن الخيانة.
ومن كتاب آخر، روي أن عمر بن عبد العزيز، أجرى للقاضي رزقا؛ أربع مائة دينار في السنة، وكان يوسع في الرزق على عماله، وقد ولاه شيئا من أمور المسلمين، وكان يقول: ودلهم قليل إذا أقاموا كتاب الله وعدلوا. [٨/ ٣٣]