من فعل القضاة عندنا، ولا كن لا بأس أن ينظر لنفسه في كل الأيام في أموره من أمر دنياه وحوائجه التي تصلحه ولابد منها، ينظر فيها في غير حين يقضي فيه.
وقال مالك لبعض من كان يحكم بالمدينة ممن يلي السوق: واجعل لجوسك للقضاء ساعات يعرفها الناس منك، فيأتوك فيها، وخفف عن نفسك بالنظر في غير ذلك.
قال مالك: كان يقال: إذا قل الكلام أصيب الجواب، وإذا كثر الكلام كان من صاحبه فيه الخطأ.
قالا: ولا بأس أن يقضي في رمضان، وفي الشهور كلها، إلا أيام العيد، وبلغنا أن عمر بن عبد العزيز كتب ألا يقضي في العيد، إلا أن تكون أمورا يخاف فيها الفوت مما لا يسعه تأخير النظر فيه، فلينظر فيه وإن كان يوم الفطر أو يوم الأضحى.
قال سحنون في المجموعة وكتاب ابنه: ولا ينبغي أن يكتب عن رجل حجتين أو أكثر في مجلس واحد، إلا أن يقل الناس عنده، فلا يشغله ذلك عنهم. قال في كتاب ابنه: وقد قيل: إنه ينظر في ذلك، قال سحنون فيهما: ولا ينبغي أن يكثر كتب الرفع لكل من جاءه إلا بلطخ من شهادة أو سماع، وإلا فلا يفعل، ولعله يشخص الرجل البعيد ولا شيء له. قال أصبغ عليه: أو يدعي بشيء يسير، فيعطيه إياه ويرتفع وإن لم يكن له.
قال ابن حبيب: قال أصبغ: ولا يكتب في دفع خصم إلا إلى أهل العدل والأمانة، ويكتب إلى العدول أن يأمروهما بالتناصف، فإذا أبيا فانظروا في المدعى فإن سبب لحقه سببا، وظهر لطلبه وجه ولم يتبين أنه يريد تغييب خصمه واللدد به، فارفعه إلي معه، وإلا فلا يرفعوه، وهذا في المكان القريب الذي لا مؤنة فيه على الخصمين، ولا على البينة، فأما المكان البعيد، فلا يرفع منه، وليكتب إلى من [٨/ ٣٨]