يرضاه من أهل العدل والعلم: انظر في أمرهما، واسمع البينة، وانظر في جميع منافعهما، ثم اكتب إلي ما يصح عندك لينظر فيه، فإذا جاءه معه الكتاب ونظر فيه: فإن رأى أن يكلفه إنفاذ الحكم بينهم فعل، وإن رأى أن يرجع إليه المتداعيين لينفذ بينهما الحكم فعل، ولا يرجع البينة، فإن لم يرفع القاضي من مكاتب هناك، وذكر له الطالب رجلا أو رجالا يكتب إليهم، فليأمره يأتيه بمن يعرف بهم، فإن ثبت عنه عدالتهم، كتب إليهم، وإلا كتب إلى عامل البلد إن وثق به، فإن لم يكن مأمونا ولا وجد من يكتب إليه/، كتب إلى المطلوب أن فلانا ذكر كذا فتناصفا، وإلا فاقدم معه، فإن قدم وإلا بعث من يأتيه به إن كان المكان قريبا. وقال محمد بن عبد الحكم: وإذا استعدى رجل على رجل بدعوى عند الحاكم، فإن كان في المصر أو قريبا منه، أعطاه طابعا في جلبه أو رسولا، وإن كان بعيدا عن المصر، لم يجلبه إلا أن يشهد عليه شاهدان أو شاهد، فإذا ثبت عنده، كتب إلى من يثق به من أمنائه: إما أنصفه، وإلا فليرتفع معه، وأما الغريب من المدينة مثل أن يأتي ثم يرجع ويبين في منزله، والطريق مأمونة، فهذا يرفع بالدعوى، كالذي في المصر، والذي يجلب من مكان بعيد أن يأتي في البر والبحر ما لم يرد التطويل والمدافعة، فلا يمكن من ذلك.
قال أصبغ في كتابه: وإذا قضى بين الخصمين في أمر اختصما فيه، ثم أخذا في حجة أخرى وخصومة أخرى، فإن كان بين يديه غيرها، لم يسمع منهما حتى يفرغ ممن بين يديه ويقيمهما، إلا أن يكون شيء لا ضرر فيه بمن حضر من الناس، فلا بأس أن يسمع منهما. [٨/ ٣٩]