ما أجاز عدلا ولا مسخوطا إلا بشاهدين، ولا أجاز الشاهدان إلا بشاهدين، فاستحال الأمر وبطل.
قال ابن القاسم، وابن كنانة، في المجموعة: إذا علم منه الجرحة يأتي بمعدل، ولا يقبله منه. وقاله ابن القاسم في المجموعة، وقاله أصبغ في كتاب ابن المواز وكتاب ابن حبيب، ومعنى ذلك: إذا شهد عنده بحدثان ما علم منه، فأما إن طال زمان ذلك وتقادم، فلا يطرح شهادته بما علم منه، فلعله قد تاب اجتهد في الخير، وكذلك في العتبية، في رواية عيسى، قال عيسى: معناه مثل ما قال أصبغ سواء.
قال سحنون في كتاب السير: لو شهد عندي عدلان مشهوران بالعدالة، وأنا أعلم بخلاف ما شهدا به، لم يجز لي أن أحكم بشهادتهما، ولم يجز لي ردها لظاهر عدالتهم، ولكن أرفع ذلك إلى الأمير الذي هو فوقي، وأشهب بما علمت، وغيري بما علم، فيرى رأيه.
ولو شهد شاهدان ليسا بعدلين على أمر علم أنه حق، فلا يقضي بشهادتهما؛ لأني أقول في كتاب حكم: بعد أن صحت عندي عدالتهما، وإنما صحت عندي جرحتهما.
وقال عبد الملك في المجموعة: ولو شهد عند الحكام شاهدان؛/ إما مجرحان، وإما من لا يقبلهما إلا بتعديل فيما يعلم القاضي أنه الحق، فلا ينفع ذلك علمه بأن ذلك حق، وليكلفه التعديل، وأما إن شهد عدلان فيما يعلم أنه باطل، إما وهما أو غلطا، فلا ينبغي له أن يمضي باطلا بعلمه، ولا يبطل الشهادة، ولكن يرفع علمه إلى غيره من الحكام، فيؤدي له شهادته. وقاله ابن كنانة، وكذلك في كتاب ابن حبيب، عن ابن الماجشون. [٨/ ٦٩]