ومن كتاب ابن المواز: قلت: إذا شهد عنده عدول في أمر يعلم خلاف ما شهدوا به أيتوقف؟ قال: وقوفه رد لشهادة العدول، ولكن تنفذ شهادتهم بعد الانتظار اليسير، واستحسن لو خلا بهم، فأعلمهم بعلمه وشهادته، فلعله ينكشف لهم أو له ما وراء ذلك، فإن لم يكن ذلك، فليحكم بشهادتهم، وليعلم المشهود عليه أن له عنده شهادة، فيرفع ذلك المحكوم عليه إلى من فوقه، فإن لم يكن له أحد إلا تحته، فقول أشهب: إنه لا يجيز رفع ذلك إلى من تحته. وأجاز ذلك عبد الملك، واحتج بفعل عمر، رضي الله عنه.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا شهد عنده عدل معروف بالعدالة، والقاضي يعلم أنه شهد بباطل، وأن الحق غير ما شهد به، فلا يحكم بذلك، ولا يبطل الشهادة، وليرفع القاضي شهادته إلى غيره، ويشهد بتلك الشهادة للقائم بها.
قال أبو محمد: قوله: إنه شهد بباطل. ليس يعني أن القاضي علم جرحة فيه، ولا تعمد كذبا، ولكن القاضي قال ذلك الحق بوجه ما، ولو علم منه جرحة، لجاز له أن يسقط شهادته بعلمه/، إلا ما استحسن أشهب فيما تقدم ذكره.
قال في المجموعة المغيرة وأشهب في البينة تشهد بحق لرجل، والقاضي يعلم بينهما غيره. وقال أشهب: فيشهد عنده بما يعلم.
قيل لهما: فلو جاز للقاضي أن لا يأخذ له بينة إذا علم أنه مبطل، ولم يجز له أن يعطي بعلمه إذا لم يعلم ذلك غيره؛ فقالا: لأن القاضي يجوز له أن يترك القضاء بعلمه، ولا يجوز له أن يحكم في شيء لأحد على أحد بعلمه، الذي قامت له البينة بحقه لا يقول: نزع مني حقي، وإنما يقول: لم يقض لي بحقي.
وأما ما يجده القاضي في ديوانه من إقرار وشهادة، فمكتوب في باب بعد هذا. وفي القاضي يقول: قد حكمت لفلان، ولا يعرف ذلك إلا من قوله.
ومن المجموعة: قال ابن القاسم، في شهيدين شهدا عند القاضي أن فلانا الذي كان قاضيا، وقد مات أو عزل، قد قضى لهذا الرجل بكذا وكذا بشهادتنا، [٨/ ٧٠]