غير العدل، وهو مجتهد غير أنه جاهل بالسنن لا يستشير العلماء، يقضي باستحسانه، فهذا يتصفح أحكامه ويقرؤها، فينفذ منها ما كان صوابا في ظاهرها، وإن خرجت على خلاف الكتاب والسنة، فسخ ذلك؛ لما عرف من جهالته، وإن كان ما حكم به مختلفا فيه، لم يغيره، ولا ينقضه، قالا: وإذا ولى الأمير قضايا في بعض الكور، وهو غير عدل ولا رضا، ولا يؤمن جهله وجوره، فلا ينبغي لقاضي الجماعة أن يرفع إليه خصما، ولا يكتب إليه في تعديل شاهد، ولا يمضي له حكما.
ومن المجموعة: قال ابن كنانة في القاضي يعرف بالجهالة والهوى لبعض ما يشبه الباطل، والدفع لما يأمره به الأمير والوزير؛ فمن الحق أن يفتش أقضية مثل هذا، عزل أو لم يعزل، فيمضي صوابها، ويرد باطلها، فأما قاض على غير هذا، فإن المشتهر من قضائه إذا اشتكي، نظر فيه، فأما أن تفتش أقضيته كلها مثل ما يفعل بالمعروف بالظلم، فلا.
ومن كتاب ابن سحنون: وكتب ابن غانم إلى مالك في رجلين أتيا إلى القاضي وبيد أحدهما حكم قاض قبله على خصمه هذا، وفيه بينة، فطلب المقضي عليه أن يقيم عند هذا حجته وبينته فيما كان حكم عليه، فكتب: أما القاضي الذي لا يعلم منه إلا خيرا، فلا ينظر في قضائه، إلا أن يأتي أمر مشتهر نكب عن الحق، أخطأ أو جهل، فينظر في ذلك، ويتواصى، وإلا فلا يعرض في غير هذا من قضائه، وأما المعروف بالجور، فإنك ذكرت أن قاضيا كان يرد شهادة العدل، ويقضي بشهادة من لا يرضى، فإن أتاك قضية مثل هذا، أنه قضى ببينة سماهم، فأتى أولئك، فإن أنكروا أن يكونوا شهدوا، فليتعقب أحكام مثل هذا ولا يوثق بإنفاذه، وليجعل لنفسه وقتا ينظر فيه في أحكامه، ولا يشغل بها نفسه عن ما سواها، فيضر بغير هؤلاء من الناس. [٨/ ٩١]